صورة تخيلية لثقبٍ أسود يبتلع نجمًا

أعلن علماء مرصد ليجو LIGO عن اكتشافهم لموجات ثقالية (Gravitational Waves) قادمة من اندماج آخر، (بعد اكتشاف اندماج ثقبين أسودين في 8 يونيو من عام 2017م) في ثقب أسود، وهو أصغر ما رأوه على الإطلاق، ويمكن أن تُسلط النتائج -التي تم تقديمها في دورية الفيزياء الفلكية Astrophysical Journal– الضوء على تنوع الثقوب السوداء، وقد تُساعد العلماء على معرفة سبب ظهور ثقوب سوداء أكبر تتصرف بشكل مختلف عن الثقوب الصغيرة.

 

وقال سالفاتور فيتالي (Salvatore Vitale): مُحلل البيانات والباحث في الجانب النظري بمختبر ليجو في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «كتلتها –أي الثقوب السوداء الصغيرة- تجعلها مثيرة للغاية»، وأضاف قائلًا: «إنّ هذا الاكتشاف يبدأ بالفعل في نشر المزيد عن هذه المنطقة ذات الكتلة المنخفضة، والتي كانت حتى الآن خالية تمامًا».

 

والموجات الثقالية: هي تموجات في نسيج الزمكان، وتنتج نتيجة تسارع أو تباطؤ الأجسام، ومن الصعب للغاية اكتشافها، ولكنها تستحق عناء البحث عنها؛ لأنها تسمح لنا بدراسة الظواهر الكونية القوية للغاية مباشرة بما في ذلك الثقوب السوداء، والتي لا يمكن رؤيتها بالوسائل التقليدية؛ لأنه لا يمكن لأي ضوء أن يهرب من داخل أفق الحدث (The Event Horizon) للثقب الأسود.

 

ويمكن لمرصد قياس الموجات الثقالية بالتداخل الليزري (The Laser Interferometer Gravitational-Wave Observatory)، أو LIGO اختصارًا للعثور على ثنائيات الثقب الأسود (The Black Hole Binaries) -زوج من الثقوب السوداء التي تربطها الجاذبية- أثناء دورانها تجاه بعضها البعض، والاندماج بعنف لتشكيل ثقب أسود واحد.

 

يتكون LIGO من اثنين من أجهزة الكشف على شكل حرف L بأذرع طولها 2.5 ميل واحدة في هانفورد، والأخرى في ليفينغستون، وعندما تمر موجة ثقالية عبر أجهزة الكشف تضغط على ذراع واحدة، وتمتد الأخرى، ويُمكن لنظام ليزر دقيق ومرايا داخل الذراعين أن يلتقطوا التشوهات الصغيرة للغاية.

 

ومنذ العثور على أول عملية اندماج للثقب الأسود في سبتمبر 2015م، أعلن مرصد ليجو عن اكتشاف العديد من عمليات الاندماج بالثقوب السوداء، بالإضافة إلى اندماج اثنين من النجوم النيوترونية (Neutron Stars)، وبعضها تم اكتشافه بواسطة مرصد فيرجو (Virgo) الأوروبي لقياس الموجات الثقالية.

 

وقامت أجهزة الكشف بقياس إشارة جاءت من الاصطدام العنيف لثقبين أسودين صغيرين، أي ما يعادل من 7 إلى 12 ضعف كتلة الشمس، حيث كان يبعد الاصطدام حوالي مليار سنة ضوئية، ونتج عن الاندماج ثقب أسود تبلغ كتلته 18 كتلة شمسية، وتم تحويل ما تبقى من الاصطدام من كتلة -في مثل كتلة الشمس- إلى موجات ثقالية.

 

كان هذا الحدث صغيرًا جدًا بالمقارنة مع معظم اكتشافات اندماج الثقوب السوداء من قبل LIGO (على سبيل المثال، كان الزوج الأول من الثقوب السوداء في سبتمبر 2015م تبلغ كتلتهما حوالي 36 و 29 كتلة شمسية على التوالي)، وتم العثور على زوج أصغر في ديسمبر 2015م حيث تبلغ كتلتهما 7.5 و 14.2 كتلة شمسية، ولكونه أصغر زوج من الثقوب السوداء في الكتلة التي تم اكتشافها في LIGO، يكون زوج GW170608 خفيف الوزن من نفس فئة الثقوب السوداء التي وجدها علماء الفلك بشكل غير مباشر عبر الأشعة السينية وغيرها من الإشعاع عالي الطاقة.

 

وتأتي تلك الأشعة السينية من خارج الثقب الأسود حيث تدور جميع المواد الموجودة في قرص التراكم (Accretion Disk) الخاص بها، محتكةً ببعضها رافعةً درجة حرارتها، مما يعمل على انبعاث إشعاع عالي الطاقة من هذه العملية، وتم سحب هذه المادة في القرص من نجم مرافق مأسورًا بالجاذبية الهائلة للثقب الأسود مكونًا زوجًا ثنائيًا مع ثقب أسود ( ثقب أسود +  نجم مصاحبسأ).

 

لكن علماء الفلك اكتشفوا فقط الأشعة السينية القادمة من الثقوب السوداء المنخفضة الكتلة، وليست الأكثر ضخامة مثل تلك التي يجدها ليجو.

 

وقال فيتالي: «لماذا لم يتم العثور على ثقوب سوداء ضخمة تُنتج الأشعة السينية إنه من الأمور الغامضة التي لم يكتشفها الباحثون بعد»، لكن GW170608 يمكن أن يساعد في سد هذه الفجوة.

 

من المقرر أن يبدأ LIGO عمليات الرصد القادمة في أواخر عام  2018م، ومع اكتشافه المزيد من عمليات اندماج الثقوب السوداء، سيبدأ العلماء في التعامل معها كنموذج سكّاني، ودراسة ديموغرافيتها (توزيعها في الكون) لمزيد من الدراسة والتحقيق في هذه الأسئلة.

 

لكن فيتالي قال: إنه يأمل أيضًا في رؤية شيء جديد يتجاوز الاندماجات في الثقوب السوداء، والاندماجات بين النجوم النيوترونية، وأضاف: «أحبُ أن أجد ثقبًا أسود ونجمًا نيوترونيًا».

مثل هذا الاندماج الهجين سيسمح للعلماء بدراسة الموجات الثقالية، ولكنه قد ينتج بعض الضوء الذي يستطيع الفلكيون دراسته بمقاريب (تليسكوبات) أكثر تقليدية.

وأضاف: «إذا رأينا ذلك فسوف نعرف الكثير».

ترجمة: أحمد رجب رفعت

المصدر: https://goo.gl/8PbPEo

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *