تكلمت في أكثر من مقالة، عن دور إساءات الطفولة في محاصرة الذات الحقيقية، وبناء ذات مزيّفة أكثر صلابة، وذات الإنسان الحقيقية على مستويات ثلاثة؛ الطفل الداخلي حيث المرح، والبهجة، والألم، والحزن، والغضب، والندم، ومستوى الراشد وهو القادر على التفرقة بين الصواب والخطأ، بين ما أنا أرغب فيه وبين ما أحتاجه، بين الحقوق والكماليات، ثم مستوى الوالد الداخلي وهو الذي يمنح الاهتمام، والعطف، والاحتواء.

وأول من يحتاج إلى الوالد الداخلي هو الطفل الداخلي، مع لمحة محورية وهي قبول أصدقاء اليوم كما هم، وفهم محدوديّتهم وقبولها، كما نحتاج لفهم محدوديتنا وقبولها، وعدم انتظارهم لإصلاح أخطاء الماضي، لإشباع الحرمان من التواصل، أو للقيام بدور الأب أو الأم لنا، فأصدقاؤنا ليسوا من ممتلكاتنا -وهذه من رواسب حرمان الطفولة؛ فالطفل يلجأ للاستحواذ على اللعبة إذا شعر أنها قد تُسلب منه، ويشير د. وصفي إلى المثلية بأنها حالة من سيطرة الطفل على سلوكيات الراشد- فالصداقة مشاركة لا تملّك، بالعكس محاولات الاستحواذ هي محاولة طاردة للأصدقاء.

نأتي إلى تحرير المشاعر، وهي قضية القضايا، فهنا نحن نحتاج إلى كسر أسلوب تربوي مرضي ترسّخ داخل هذا الشاب، وهو أنه لا ينبغي التعبير عن المشاعر الداخلية، أنه من العيب التعبير عن احتياجاتنا، وأنه لا ينبغي لنا الشعور بالضعف، والخوف، والندم، والفشل. وأنا لا أبالغ إن قلت إن تحرير المشاعر [البوح والنوح الصحِّيَّان] يعملان عمل السحر، مع صعوبتهما البالغة، خاصّة في المرة الأولى، ولذا ينصح بالقيام بها بين يدي خبير.

  •  في المقالة القادمة:

التعامل مع الإساءة الجنسية وآثارها، والتصالح مع الذكورة وأشياء أخرى!

 – نُشر أولًا  بموقع صحتك.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *