معايير اختيار الزوج الصالح والزوجة الصالحة= تتحكم فيها عوامل شتى، فمنها ما هو متعلق بالدين والخلق، ومنها ما هو متعلق بالقبول الشكلي، ومنها ما هو متعلق بالقبول النفسي، ومنها ما هو متعلق بمدى تناسب الطباع وتوافقها، ومنها ما قد يتعلق بكفاءة النسب والوسط الاجتماعي والتعليم والقدرة المادية.
وبالتالي: فما يشيع عند بعض الناس بأن رضا الدين والخلق يكفي وأن رفض الرجل الدين الخلوق أو المرأة الدينة ىالخلوقة= بطر، ليس صحيحا، وما يحتجون به على ذلك مما ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)).
فالحديث ضعيف لا يثبت، وممن ضعفه البخاري، وتصحيح بعض العلماء المعاصرين له خطأ.
ومع ذلك فعلى فرض صحة الحديث فإنما هو كقول النبي صلى الله عليه وسلم: الحج عرفة.
وهذه الأساليب العربية يراد منها تعظيم ما ذُكر فيها، وبيان أنه الركن الأعظم، وليس إهدار اعتبار غيره، وبالتالي الاستدلال به على كفاية هذين المعيارين= استدلال غير صحيح.
والنبي صلى الله عليه وسلم ذكرت له صحابية أن صحابيا تقدم لها، فحثها على رفضه وكان السبب: إنه صعلوك لا مال له.
لماذا رفض النبي لهذا السبب رغم إن في الوحي: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.
الجواب: لأنه لا رياضيات في الشرع، الآية تذكر الأصل الغالب على الناس، لكن الحالة التي حكم فيها النبي صلى الله عليه وسلم فيها امرأة شريفة نسيبة من بيت غنى، ومثل هذه يفسدها زواج الفقير غالبا، فحثها النبي صلى الله عليه وسلم على ما هو أصلح لها..
إذا رجعنا للمعايير= فنقرر أولًا أن من حق المرأة الرفض مهما بدا السبب هينًا أو تافهًا وكذلك الرجل، وبالتالي سؤال: هل يجوز أن أرفض خاطبًا لمجرد كونه قصيرًا أو طويلا وأبيض أو أسمر أو تعليمه كذا أو بلدته كذا= كل هذه الأسئلة لا داعي لها، فالقبول أو الرفض حق أصيل لك، والمعايير التي ذكرناها فيها أشياء شديدة النسبية وبالتالي لا يمكن أن نكون حكمًا على الآخرين في مدى تحققها أو في مبرر رفضهم وادعائهم غياب المعيار.
واحدة بتقول مفيش قبول نفسي، هتقولها ده حلو ومتعلم وبيقبض كويس= كل هذا لا داعي له؛ لأنها بنت حكمها على شيء صعب قياسه ولا يمكن ادعاء أنك أصوب منها فيه.
الذي نحث الناس عليه هو جودة بناء وعيهم بذاتهم وأدوات التفكير عندهم، وبعد ذلك:
الشيء الذي يمكن فقط أن نقوله لطالبي الزواج: أن هناك عدة أسئلة ينبغي أن تبني عليها قرارك عند غياب شيء من المعايير في الشخص المتقدم أو المتقدَم له:
هل الجزء الغائب يمكنك تحمله والتعايش معه؟
هل الجزء الغائب لدى الشخص ما يعوضه ويغلب عليه؟
هل الفرص المتاحة لي في الزواج تتيح لي رفاهية الاختيار لدرجة رفض زوج بناء على هذا المعيار وحده؟
ملحوظة: موضوع الفرص الناس حساسة منه وأصل ده نصيب، ومينفعش نقول واحدة فرصها أكتر من واحدة.
والكلام ده غير صحيح، الناس لازم يكونوا واقعيين شوية، الحياة فيها مساحة نصيب مغيبة وفيها مساحة اختيار مشهودة، ومساحة الاختيار محتاجة نوع من العقلانية، وعدم معاندة الأسباب اتكالا على إن فيه واحدة فضلت مستنية لحد ما بقى عندها 35 سنة وما شاء الله اتجوزت طيار.
أمر أخير فيما يتعلق بمعيار الحب:
القاعدة الأساسية: إن لا بد من حد أدنى من القبول الذي هو عكس النفور.
القبول إذا متوفر لكن مفيش حب ففيه خياران:
الأول: النظر لمدى توفر باقي المعايير مثل تدين الشخص وأخلاقه وصفاته الحسنة والمضي قدما في مشروع الزواج إن كانت متوفرة بصورة مغرية= فإن أتى الحب بعد ذلك فخير، وإن لم يأت يبقى فيه عشرة طيبة وزواج ناجح ومجاهدة لتجاوز عدم ميل القلب له أو لتجاوز ميل القلب لغيره.
الثانية: إلغاء مشروع الزواج وانتظار من يميل له القلب مع وجود مخاطرة في ألا نجده أو أن نجده ويكون أقل دينا وأخلاقا بصورة تصل للأذى وفشل مشروع الزواج أو تنغيص العيش.
العقل هو: الخيار الأول، ما دامت المعايير متوفرة بصورة مغرية ومفيش غلبة ظن إن فرصك تشجع على انتظار ما هو أحسن.
لكن ليس كل الناس يطيق الخيارات العقلانية ويطيق تحمل تبعاتها.
لا تعليق