تأليف: الدكتور كارل ستولز
تلخيص: الدكتور نظمي لوقا
يمد المؤلف بهذا الكتاب يد العون إلى الذين يعانون من توتر انفعالي، وإلى ضحايا القلق، والغضب، والخوف مفصحًا عن الأسباب الخفية في متاعبهم، وعن أنجح الوسائل لتلافيها…
هذا الشخص السوي
لا أحد يدري على وجه الدقة ما هو العامل الأساسي الذي يفرق بين الشخص السوي، وغير السوي من الناحية العقلية. وإذا كان المقصود بالشخص السوي ذلك الشخص المتزن العواطف على الدوام، الذي لا تشوبه نقيصة خلقية، التام التكيف مع الظروف كلها، الذي تحدوه في كافة أفعاله أعلى مستويات الحق، والجمال، والواجب، فما من أحد من البشر كافة ذلك الشخص السوي!
إن مناحي نشاط الأشخاص الأسوياء واهتماماتهم مترامية الآفاق، متباينة الأصناف. وجانب من عناصر سلوكهم الأساسية هو الذي يدل على أنهم أسوياء حقًا. ويمكن أن نشير إلى هذه العناصر الأساسية في إيجاز:
أولاً: يقوم الشخص السوي بعمل ذي منفعة اجتماعية. فلا يقضي عمره في تجارب مشتتة تافهة لا هدف لها ولا رابطة بينها، أو في خدمة قضية ضارة بنفسه أو بغيره من الناس. فعمل الشخص السوي، أو مهنته، أو رسالته أو تجارته، يجب أن تمده بالرضي عن نفسه، وأن تكون عاملًا من عوامل رفاهية المحيط الاجتماعي الذي يخدمه.
وهناك علاقة إيجابية بين العمل المجدي والصحة العقلية. فالأطباء البعيدو النظر يصفون العمل، ولا سيما العمل اليدوي بالذات، لمرضى العقول. لأن العمل المثمر يتيح لحالات العقل السوداء أن تجد متنفسًا أو مخرجًا، فيتبدد شعور المريض بالعزلة والسآمة والهوان، ويشعر بأهميته، وانتمائه إلى ذلك الجيش الجرار من العاملين في الدنيا لها؛ ذلك الجيش الذي يضم تحت ألويته جميع ذوي الأعمال المجدية، من كناسي الشوارع إلى ناظمي الأشعار الخوالد، وذلك الشعور وحده ذو شأن كبير في إقامة السلامة العقلية والإبقاء عليها.
ثانيًا: يرتبط الشخص السوي ارتباطًا كليا بسواه من الناس. أو على الأقل بعدد محدد منهم. وهذا الارتباط عنصر جوهري في سلامة عقله. فالمنعزل، المنطوي على نفسه، أو كاره الناس، شخص شاذ غير سوي، يعيش حياة غير طبيعية.
إن الصداقة، والزمالة، والصلات الوثيقة هي التي تتيح لنا النمو الوجداني. فمشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم، ومد يد العون لذي الحاجة منهم، أو تلقى السلوان والتشجيع والإلهام، والشعور بأن ما نفعله شيء يهتم به الآخرون، وأن أحوالنا تعنيهم… كل ذلك يحفظ علينا سلامة عقولنا ووجداننا.
ثالثًا: يكون الشخص السوي أمينًا صادقًا، قادرًا على نقد نفسه، وإكمال نقصه بتحسين سلوكه. فالتحليل الذاتي الناقد، جوهري لتقدم الصحة النفسية. فمن غش نفسه، واستسلم لأحلام اليقظة، وتلمس لنفسه المعاذير، فهو من فئة (صغار الأحلام) أو (أطفال العقول) حتى وإن كان قد جاوز عمره الأربعين!
إن الشخص السوي لا يتردد في الإقرار بنقائصه وأخطائه، واستنجاد شجاعته وإرادته وهمته لإصلاح مسلكه. فالاهتمام بإصلاح الذات علامة من علامات الصحة. وإنك تجد الشخص السوي دائم الترقب لأخطاء نفسه، دائم العناية بإقامة ما اعوج. أما الرضا المستمر عن النفس فينقص من الصحة النفسية، ويخرج بالشخص عن الحد السوي..
إن الحريص على سواء نفسه ربما اتخذ لنفسه قائمة من الأسئلة تعينه في فحص ذاته، وفي تكوين شخصية أكفأ للعمل، وأجدر بالفوز، وأحظى بالجاذبية. وإليك طائفة من قبيل تلك الأسئلة:
- هل أواجه الفشل وسوء الحظ بشجاعة؟
- هل أناصر ذوي الحاجة بصرف النظر عن فروق السلالة والمكانة.
- هل أجد لذة فيما يسميه قصار النظر توافه الأمور، كالأطفال، والحيوانات والشجر، والأزهار، وجنوح الشمس للمغيب؟
- هل أقرأ كتابًا جيدًا بين الحين والحين؟
- هل أعمل باستمرار على توسيع محيط أصدقائي؟
- ما الخطوات التي أتخذها لتنمية صحتي البدنية والإبقاء عليها؟
- هل أضيق بالنقد الصادر عن حسن نية حتى ولو كان صائبًا؟
وليست هذه القائمة من الأسئلة ثابتة. فللشخص أن يعدل فيها بالحذف والإضافة حسب ظروفه وشخصيته. وقد لا تلزمه القائمة أصلًا إذا كان -وهذا نادر- من الأشخاص الذين ينظرون إلى الحياة باستمرار على أنها مغامرة متواصلة في سبيل الصحة النفسية.
رابعًا: يتمتع الشخص السوي بفهم لمواقف الناس مقرونٍ بالعطف. فاقتدار الشخص على وضع نفسه في مواضع سواه من البشر آية على سواء نفسه. فإن إساءة فهم دوافع الناس وآرائهم، والإنحاء بالملام على أفعالهم، قد تكون كلها ثمرات عدم قابلية المخيلة للوقوف في مواقفهم، وإدراك ظروفهم، والنظر إلى الأمور بعيونهم..
خامسًا: يحتفظ الشخص السوي دومًا بمتنفس لتوتره العقلي والانفعالي، على صورة هواية أو مهمة يضطلع بها. ولا أعني بذلك الأعمال الإضافية لاستثمار أوقات الفراغ، بل أعني الهوايات وأوجه النشاط التي تندفع إليها النفس لمجرد طلب اللذة والمتعة بصرف النظر عن كل فائدة أو كسب، بل إنها قد تكلف مالًا وتكبد نفقة. فهذه الهوايات أو المشاغل غاية في حد ذاتها، وليست وسائل لغايات أخرى..
والحكمة في ذلك أن أعمالنا اليومية ذات طابع رتيب متواتر، يخلق فينا التوتر والسآمة، ويحتاج تبديلهما إلى نشاط لَهَوي، يقضي على الجد والحذر الذي يقترن بالنشاط الهادف. فلا شك إذن أن اتزان العقل والجسد يمكن استرداده بهذه اللهويات أو الهوايات التي تستغرقنا في حينها.
ألاعيب العقل
والآن نعرض لنماذج من الألاعيب التي يحتال بها عقلنا ليخدعنا ويضلنا. وليس من الحتم أن يكون ضحية هذه الألاعيب ظاهر الاختلال بحيث يؤويه مصحة للأمراض العقلية، بل أكثر ضحايا هذه الألاعيب من سواد الناس، ممن تعرقل هذه الألاعيب مواهبهم وتشقيهم، وتدفعهم إلى العزلة، والشعور بالوحدة، وعدم التكيف الاجتماعي، وثبوط الهمة والقنوط.
إننا منذ نشبُّ عن الطوق نشعر بقوى في داخلنا إن لم نحسن فهمها أشاعت فينا الاضطراب والقلق وأضلتنا. فما أكثر أولئك الذين أقضتهم دوافع وبواعث لم يستطيعوا فهم كنهها أو وظيفتها، فظنوا بعضا منها رجسا شائنا، والبعض الآخر ساميًا محمودًا، وأذهلهم أن يلمسوا في أنفسهم نزعات قوية متباينة تلح عليهم إلحاحًا شديدًا..
وإن امتحان هذه القوى الداخلية، وفحص تكوينها المعقد، حرى أن يساعدنا على فهمها والسيطرة عليها، واستخدامها لأغراض تقدمنا وصحتنا. وهذا ما سنفعله الآن:
الغضب
إن الغضب قوة جبارة شديدة الانفجار، تهدد الشخص الذي أثارها بالعطب أو الهزيمة، أو الفناء. إنها انفعال غادر للغاية. انفعال خادع. والحكيم من الناس تدله تجربته على ثمار الغضب شديدة الحرارة، فالغضب لا تنمو به الصداقة والمودة.
أجل إن انفجار مراحل الغضب قد يعود علينا بالراحة الوقتية، بيد أن نتائج ذلك الانفجار أبهظ بكثير من أن تشتري بهذه الراحة العاجلة.
فالعاقل منا هو الذي يرقب نفسه بحذر، كي يلتوي بغضبه عن الانفجار قبل أن يصل الغضب عنده إلى الذروة التي يستولى فيها على شخصيته. فقبل بلوغه هذه الذروة، يسهل جدًا تحويل تيار ذلك الانفعال، أو صده عن غاية مجراه. فالحكمة كلها في التنبه لتيار الغضب، وتحويل أعنته قبل أن يصل إلى الاستيلاء على أعنة النفس، إذ متى وصل الغضب إلى ذلك الحد انقادت له الشخصية كلها، ولم تعد تجدي فيه حيلة.
فمتى شعرت بأول نوازع الغضب في نفسك، سل نفسه هذا السؤال:
(هل أنا مستعد أن أظل عامًا منذ الآن نادمًا على أني لم أكبح جماح نفسي؟)
وسيفعل هذا السؤال فعله في حفزك على السيطرة على انفعالك، إلى درجة تحمل شيء من الغبن في سبيل ذلك
ومن المستطاع التنفيس عن طاقات الغضب بوسائل تريح النفس دون أن تجلب ضررًا. ذلك أن كل انفعال يمكن تصريفه بالحركة -كالمشي السريع، أو العمل في إعداد أرض الحديقة- بحيث لا تدع الشمس تغرب على ثورة نفسك.
وقد تجدك مدفوعًا لكتابة خطاب تأنيب عنيف للشخص الذي أثار غضبك. ولا بأس من الكتابة بشرط أن تمزق رسالتك بعد ذلك، أو تتركها في درج مكتبك ولا ترسلها. فتلك الوسيلة، وإن لم تكن خير الوسائل التي نوصي بها، إلا أنها خير من الهجوم الفعلي، أو إرخاء العنان لفورة الغيظ في حينها.
أما خير ما ننصح به من سلوك عند الغضب، فهو محاولة التفاهم الصريح مع الخصم. وكثيرًا ما يؤدي ذلك إلى اكتشاف عجيب، وهو قيام ثورة الغضب على سوء تفاهم غير مقصود! فما أحسن أن يجتهد المرء في التزام المعقولية، وأن يسأل نفسه عن الأسباب التي أدت للاحتكاك، وعن خير الوسائل لتلافي هذا النقص، أو هذا اللبس، وتجنب الإهانة أو الصدمة مستقبلًا …
وحتى في حالة ثبوت الخطأ على الخصم بعد تخيل نزيه عميق، فلا جدوى من الغضب، لأن الغضب نار تأكل صاحبها، وتحرق القلب الذي يندلع فيه لهيبها المدمر.. وأفضل منه أن تجزي ما استطعت الإساءة بالإحسان، عسى أن تجتلب المودة والولاء بعد الحفيظة والعداء.
الحافز الجنسي
وكثيرًا ما يسبب الحافز الجنسي اضطرابًا وضيقًا للذين تسموا طباعهم فوق الملام. أما لدى المنحلين والبدائيين فسرعان ما يفصح هذا الحافز الجنسي عن نفسه جهارًا في إسفاف شهوي ولا تثريب عليه من الفئة التي ينتمون إليها…
ولذا نجد ذوي الحساسية الخلقية يلقون عناء التوتر العصبي من الدوافع الجنسية، فهي مصدر مشاكل انفعالية لهم، وسبب شعور بالخزي والإثم.
والهدف الرئيسي من التربية الجنسية لمن ينقصهم الفهم الصحيح لهذه الوظيفة الحيوية، أن يتخلصوا من التطورات السوقية المسفة التي ألصقت بها. فمن المؤسف أن هذه الوظيفة الطبيعية هبطت إلى درك التجربة الوضيعة التي تمنح لذة وقتية عارضة، مع أنها ضرورية لا غنى عنها لتجدد النوع البشري.
فلماذا لا نعترف صراحة بوجود الرغبة والمضايقات تسبب توتر الأعصاب. فصراخ الوليد، وبوق السيارة أو الدراجة، وصياح (راديو) الجيران، وطنين ناموسة أو ذبابة، كل ذلك قد يسبب قلقًا، وشعورًا بالغيظ والعداء، يتولد عنه نزوع إما للقضاء على مصدر الإزعاج، أو الهرب منه…
هذه المنغصات الصغيرة، فضلًا عن الأخطاء الجسام، إذا تكررت تسلب المرء طمأنينته وهدوء باله وصبره، فيضيق بها، وتتفتت أعصابه، وتسوء حالته المعنوية. ولعل أسوأ ما في القلق العصبي أنه يعدي! فالأم العصبية تنقل العصبية إلى الطفل الذي تحمله بين ذراعيها. والمعلم العصبي يمله تلاميذه فيشردون، أو يتضايقون، فلا يفهمون عنه، ولا يتعلمون ما يلقي عليهم!
وأسوأ لحظات العصبي هي ساعات الصباح، حين يستيقظ من نومه. فالنوم على عكس المنتظر لا يريحه بل يزيده ضيقًا وتوترًا. لأنه يستقبل مع الصبح المعركة التي يخافها، وكلما أمعن فيها وتسللت ساعات النهار، وازدادت ألفته للمعمعة، وتكيف لها نوعًا. ثم يأتي الليل فتتوقف المعركة، وإذا الليل هدنة على دخن وليس أمانًا أو تجديدًا للنشاط. فعقله الباطن مكدود طول الليل بتهاويل المعركة النهارية، حتى إذا طلع الصبح، ألفاه أشد نصبًا وأضيق صدرًا، وأقل صبرًا!…
ولا ننكر أن بعض العصبيين يعانون حقًا من تعب بدني فعلي. فإن الانفعالات العنيفة العميقة، كالكراهية، والغيرة، والقلق كلها مضنية للنفس والجسم معًا بما تستنفده من طاقة هائلة… بل إن القلق أو الاضطراب إذا اشتد قد يؤدي إلى انهيار… والغذاء الجيد، والراحة، والنزهة المناسبة والتسلية تشفي معظم هذه الحالات من غير حاجة إلى اختصاصي، ولا شك أن قدرة الناس على احتمال مثل هذه المرهقات النفسية تختلف كثيرًا، والعاقل من حاذر من استنفاد قدرته.
والمألوف أن المصابين بفقر الدم يشكون دائمًا من ضعف الأعصاب. ودواء مقو للدم يكفي لإعادة الحالة العصبية سيرتها الأولى، مع استعادة الجسم لحيويته البدنية.
وما أكثر الحالات العصبية التي تنشأ عن نظام شيء في التغذية، ونقص في عناصرها. وفي اللبن ومستخرجاته كنز ثمين من الأغذية المفيدة للجسم والأعصاب. وفي التعرض للشمس ساعات كل يوم علاج مهدئ للأعصاب أيضًا. ولهذا نجد الريفيين، بفضل الشمس ومستخرجات الألبان، في حال عصبية طيبة غالبًا.
ويمكن في بعض الحالات العصبية الرجوع بأسبابها إلى الرغبة في الهروب من المسئوليات التي تلقيها الحياة على كواهلنا، والمصاب بهذه الحالة يجبن عن مواجهة المواقف المحرجة أو اتخاذ قرار فيها، فيسعفه عقله بحيلة للفرار، بأن يقدم فعلة تصون كرامته، وهي الإعياء والمرض الظاهري. ومن هذا القبيل الصداع الذي تصاب به ربة البيت دائمًا إذا كانت كارهة لعمل المنزل، وفقدان الشهية والشرود الذي يصاب به الطالب الكاره للمدرسة ودروسها!.
وعلى الجملة، نجد (الحالة العصبية) تشمل ألوانا متباينة من الخدع والألاعيب، والجهاز العصبي نفسه سليم، وإنما هي (ألاعيب) من العقل ليبرر لنا سلوكنا. ومعظم هذه الحالات يرجع -لا إلى الأعصاب نفسها- بل إلى شعور بالذنب أو رغبة في تبرير انحراف عن سواء السبيل!
الخوف
والخوف انفعال مؤلم إزاء خطر أو شر، وكثيرًا ما أسْلَمَ الخوفُ إلى اليأس. وقد تكون للخوف أسباب موضوعية معلومة، ولكن قد تكون أسبابه أحيانًا غير موضوعية وغير مفهومة. وفي الحالة الأولى لا أنصح مطلقًا بالتغاضي عن مقدار الخطر أو تجاهل وجوده. بل الخير كله في مواجهته بأقصى هدوء ممكن، للتفكير في ملاقاته. أما الخطر الذي لا مفر منه أبدًا، مثل خطر الموت الذي يدهم جميع الأحياء بلا استثناء، فلا محل للفزع منه، لأنه لا حيلة فيه. فلنطرحه من الحساب، ولتكن الحياة كافية لصرف انتباهنا عنه إلى حين وقوعه فعلًا!
والحقيقة أن تحليل أي خوف من أي خطر ينتهي آخر الأمر إلى فزع الإنسان من فنائه الكلي أو الجزئي. فمتى تشجع الإنسان في لقاء قضاء الموت، فأحرى به أن يتشجع في لقاء سائر الأخطار. ومع هذا فلا يكاد يخلو شخص من الشعور بالخوف بسبب نشاط مخيلته وشعوره بالمسئولية وقيمته الذاتية. ولن تجد شخصًا بلا رهبة إلا الشواذ، ومن هم أقرب إلى الحيوان منهم إلى الإنسان..
القلق
القلق من أشيع الآفات العصرية. وهو امتداد للخوف. وتوقع مستمر للخطر يستغرق الطاقة العصبية. ولهذا ينتهي الأمر بالضحية غالبًا إلى أمراض بدنية كاضطراب الهضم، وارتفاع ضغط الدم.
والقلق يسود عصرنا بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية، وانهيار قيم قديمة، وعدم قيام أخرى جديدة، مع شعور بعدم الاستقرار والاطمئنان للمستقبل. ولكن التماسك والشجاعة وحسن فهم الأمور هي السبيل للعمل الإيجابي على خلق عالم أكثر استقراراً وأمنا لنا ولأولادنا من بعدنا.
ومن أنواع القلق تلك المخاوف الخرافية الشائعة بين المتعلمين. وهي خرافات موروثة، تحمل التطير والتشاؤم، وتوحي بإيمان بقوى خفية غير معقولة. ومن هذا القبيل تطير البعض من الرقم 13، ومن يوم الجمعة، وما إلى ذلك.. ومن السهل أن يقنع المرء نفسه بأن ذلك كله وهم سخيف!
الأرق
ومن الخطأ الشائع الاعتقاد بأن الأرق من علامات اختلال العقل. وإن كان طبيعيًا أن من يأرق ليالي متعاقبة حري أن يكون غير متزن في سلوكه وقتيًا. وقد يخيل إلى المؤرقين أن عجزهم عن النوم ناجم عن اختلال في عقولهم، أو شذوذ في حالتهم من أي نوع، غير أن التكالب على النوم أو اللهفة عليه حرية أن تطير النوم عن جفونهم!
والحقيقة أن الأرق ناجم عن العجز عن استرخاء الأعصاب بسبب القلق أو الخوف أو تأنيب الضمير، أو نشاط عقلي مما يمنع الإغفاء أو الاسترخاء لاستئثاره بالانتباه، واحتفاظه بمقدار ضخم من الدم في المخ..
والواقع أن المشتغل بعقله لا ينام نومًا عميقًا حقًا إلا إذا حرك جسمه برياضة أو سير، ونظرة إلى العامل بعضلاته نجده، ينام أعمق النوم، لعدم تكاثر الدم في دماغه مما يسهل على دماغه الإغفاء.. فالأرق إذن ليس اختلالًا عقليًا، وإنما هو عرض من أعراض الانشغال أو الخوف، أو القلق. وعلى من يأرقون أن يتذكروا أن الحياة أقصر من أن نضيعها في قلق يضر ولا ينفع، والخير أن نؤدي واجبنا فحسب، ثم نترك الغد لظروفه.
-نُشر أولًا بموقع حياتك.
لا تعليق