- لماذا يطلب البعض التغيير؟
هناك العديد من الأسباب التي تدفع المئات من مثليي الميول إلى طرق أبواب المعالجين والمشيرين النفسيين؛ طلبًا لتغيير ميولهم الجنسيّة، وبالرغم من أن الدافع الأشهر هو الوازع الديني بداخلهم، إلا -أنني أكرر دومًا- أن الوازع الديني قد ينجح في تحقيق الامتناع عن الممارسة، ولكن ليس استعدال الميول، ولكن يبقى الدافع الأهم لدى أولئك الذين لا يرغبون في تلك الميول لأنها تتنافى مع صورتهم لأنفسهم، أو ما يمكن تعريفه بالرغبة الذاتية للتغيير، وليس طلبًا للقبول.
وبعيدا عن الدوافع الروحية والذاتية، فإن الأبحاث التي تم إجراؤها بمؤسستي جلما (GLMA) ونارث (NARTH)، والمركز الأمريكي للطب الوقائي (CDC) تؤكد أن ممارسي المثلية معرضون أكثر من غيرهم لعدة اضرابات وأمراض فتاكة منها:
– الانتحار، الاعتداء الجسدي، الاضرابات المعادية للمجتمع، إدمان المخدرات، الممارسات الجنسية المختلطة، انحراف الانجذاب الجنسي (Paraphilia)، العهر الجنسي، إدمان الجنس، اضطرابات الشخصية، العلل النفسية.
NARTH reportto APA.
– الإيدز، إدمان المخدرات والكحوليات، الاكتئاب الحاد، القلق، الأمراض المنتقلة جنسيًا، الأمراض الڤيروسية كالكبدي الوبائي، سرطانات شديدة الفتك كالبروستاتا والقولون والخصيتين، اضطرابات صورة الجسد، واضطرابات الشهية.
Ten things gay men should discuss with their Health care provider, GLMA association.
– يمثل المثليون جنسيا ٢٪ فقط من المجتمع الأمريكي، ومع ذلك فهم يمثلون ٦٠٪ من المشخصين بالإيدز، وهم معرضون بنسبة ٤٠٪ أكثر من غيرهم للإصابة، بعدما شكلوا الفئة الوحيدة المعرضة للإصابة في بداية التسعينات.
Centers for disease control, HIV among Gay and Bisexual men.
وفي واحدة من دراسات هارڤارد: «ترتبط الميول المثلية مع نسب مرتفعة من القلق، واضطرابات المزاج، وإدمان المخدرات، ومحاولات الانتحار والتخطيط الجدي لها».
American Journal of public health, 2001, 91, 6.
وفي أغسطس الماضي عنونت الأدڤوكات -وهي المجلة الأشهر في الدفاع عن الميول المثلية- تقريرها بـ «سبع سبُل أوقع بها مجتمع المثليين شبابنا في الإيدز» وجاء فيه:
«٧٪ فقط من العينة غير مصابين بالمرض، بينما ارتفعت نسبة المشخصين بإصابة الإيدز إلى ١٣٢.٥٪ عن المسح السابق … واحد من كل خمسة مثليين هم من مؤكدي الإصابة، ولا يهم من أنت فيهم فكلنا في مرمى الإيدز»!
Tyler Curry, 7 Ways the Gay Community is failing our youth on HIV, Advocate, 12 August.
والسؤال الذي تطرحه هذه الأبحاث، ألا ينبغي للمتمسكين بكون المثلية متغيرا طبيعيا أن يراجعوا موقفهم قليلا؟
هل التغيير ممكن؟
لم أر واحدا ولا اثنين ولا ثلاثة، بل المئات الذين تمكنوا من التغيير، ومارسوا حياة سويّة سعيدة … د. نيكولاس كامينجس (Nicolas Cummings) الرئيس السابق للجمعية النفسية الأمريكية APA
في الحقيقة إن لفظة «تغيير» قد لا تبدو دقيقة، فإن نوازع السلوك البشري متواجدة في كافة البشر، وبحسب سلوكياتنا، فإننا نقوي أو نثبط النوازع المرغوبة أو المرفوضة، ولذلك فالمصطلح الأدق هو «استعدال» الميول، وبحسب دراسة سبيتزر، وآراء غيره من المختصين وشهادات الواقع، فإن الميول الجنسية ليست صلبة، وإنما قابلة للتغيير تبعًا لنمط الحياة والسلوك المتبع.
- الخروج رجلًا:
لو أردنا أن نلخّص المنهج الذي أثبت نجاحه في استعدال الميول المثلية فإن الكلمة المناسبة هي (الخروج رجلا) حيث يتلخص المنهج في الخروج من الخزي، والنمو في الرجولة كمحورين للشفاء. ومهما اختلفت برامج التعافي فإنها ينبغي أن تدور في بناء مثلث من ثلاث أضلاع: تسديد الاحتياجات، وشفاء الإساءات، وبناء الرجولة عن طريق تأكيدها في الداخل وممارستها في الخارج.
وهذا النمط من العلاج مبني على نظرية العلاج الإصلاحي، والتي ترى أن الميول المثلية في حقيقتها هي محاولة إصلاحية غير واعية، ولذلك يعرض البرنامج العلاجي الإصلاحي حلًا للمشكلة من جذورها، أكثر من تعامله مع الأثر الظاهر على السطح في شكل الميول.
ومن أكثر الاتهامات الموجهة للعلاج الإصلاحي هو إمكانية تسببه في مرحلة من التأزم النفسي في بداية العلاج، وهي مرحلة يمكن تفهمها، فإن كنت راغبًا في إعادة ترتيب الغرفة فلابد أن تتوقع آثار تهيج الأتربة التي تراكمت في فترة الإهمال، فعند تعرضنا لإساءات صادمة تكون مجموعة أغلفة للحماية في شكل دفاعات وسلوكيات وأنماط ما يُعرف بالذات المزيفة، إنها غريزة البقاء التي حركتنا لنحتمل إساءات الطفولة المعنوية والمادية، لكن عند البدء في اختبار حياة جديدة لابد من خلخلة تلك الدفاعات لتحرير الطفل من الداخل، ويشبهها البعض بذوبان قشرة الجليد عند عودة الربيع، أو عودة الألم للطرف المشلول ويحكي أحد المتعافين قائلًا: «يقولون إن العلاج الإصلاحي يسبب الاكتئاب وأعراض جانبيةٍ أخرى.
والحقيقة أنني ما اختبرت السعادة مثلما اختبرتها حين جاء أصدقاء ومعارف إلى أبي ليخبروه: «كيليب تغير، لا نعرف كيف، لكنه مختلف شيئا ما، أكثر مرحًا وانسجامًا بيننا» ولم أختبرها مثلما اختبرتها حين تعرفت إلى صديقتي، صحيح أنني اختبرت الألم حينما افترقنا، لكن حتى ذلك أعتبره دليلًا على التغيير، فأن أعاني الألم والفراق بعد انفصالي عن محبوبتي لم يكن شيئا أتوقع حدوثه يوما. العلاج الإصلاحي أخرجني من ركن الظلام الذي حُبِست فيه، والذين يحاربونه يحاربون العون الذي حصلت عليه».
- الرغبة الفعلية في التعافي:
لا تعش نصف حياة، ولا تسر نصف طريق، ومما تقول زمالة مدمني الخمر: «لقد أيقنّا أن أنصاف الحلول والتدابير لم تفدنا بشيء»، إن الجزء المزعج بالنسبة لطالبي التعافي هو الميول وما يترتب عليه من ممارسات، لكن الميول هي قمة الجبل، ولا يمكن تغييرها إلا باستبدال أسلوب الحياة المثلي بالكامل، العزلة والخوف والتوتر والتردد وفقر الثقة والعلاقات الاعتمادية والانطوائية والخزي والحياة الرمادية والسرية التي تمثّلها بشكل صارخ الحسابات الوهمية على الشبكات الاجتماعية، وكما يقول منهج مانز: «لقد رغبنا في التعافي بشرط ألا يعرف أحدٌ شيئا عن معاناتنا، واكتشفنا أن ما كنا نخشاه هو أكثر ما نحن بحاجة إليه»، وغيرها من الأساليب التي توجد بقلة أو بكثرة.
إن اتخاذ القرار بالتعافي لابد أن يتضمن قرارًا واعيًا بقطع كل صلة بالحياة المثلية، وإنهاء أية علاقة بها مهما كانت قوتها، وقد يعني ذلك مواجهة الماضي الذي يرغب البعض في إنكاره، والاعتراف بالضعف والتصالح معه، وقبول النفس والناس والحياة كما هي، وإدراك أن هناك ما يمكن تغييره ونحتاج الشجاعه لفعل ذلك، وهناك ما لا يمكن تغييره، ونحتاج إلى السكينة من الله لقبوله، كما يعلمنا دعاء السكينة.
وبعد ذلك فإن أي التفاتة إلى الماضي تضعف المستقبل الذي نسعى إليه، وربما هذا هو سبب صعوبة الطريق، فالذين وصلوا هم الذين لم يكن لديهم اختيار الرجوع.
– نُشر أولًا بموقع صحتك.
لا تعليق