الكاتب
نيل مارتين، ذا كونڤيرسيشن
تنمو عضلاتنا نتيجة التمرين المستمر والمنتظم، وقد يؤدي عدم استعمال العضلات بشكل مستمر وقوي – كما في التمارين- إلى خسارتها. و يؤدي بنا ذلك إلى القول المشهور: “استخدمها أو اخسرها”.
ولكن بحث جديد، حول ما نعرفه عن العضلات سواء في فترات التمرين أو فترات عدم الاستخدام، يلقي هذا البحث بظلال من الشك حول معتقدات راسخة لدينا تخص نمو العضلات وكيف تتكيف مع الظروف المختلفة.
الخلايا العضلية (الألياف العضلية) هي أكبر خلايا داخل جسم الإنسان،وتحتوي على الآلاف من الأنوية (ج نواة) لكي تستطيع تدعيم حجم الخلية الكبير. هذه الأنوية هي مراكز التحكم في كل خلية، وبالإضافة إلى احتوائها على الحمض النووي، فهي تقوم بتنسيق أنشطة الخلية المختلفة ومن ضمنها النمو.
تاريخيا، اعتقد العلماء أن كل نواة تتحكم في حيز محدود من الخلية وأن النسبة بين عدد الأنوية وحجم الخلية يمثل ثابت ويدعى (المجال النووي).
إذا طبقنا هذا المفهوم على العضلات الهيكلية، فإن هذا يعني أنه أثناء فترات النمو، كما في تمارين رفع الأثقال المنتظمة، فإنه يجب إضافة أنوية جديدة إلى الليفة العضلية (الخلية العضلية) من تجمع الخلايا الجذعية والتي تقع خارج الليفة العضلية.
عموما، يبدو أن هذا المفهوم صحيح. فعلى سبيل المثال، الأشخاص الذين يوجد لديهم أكبر نمو لعضلاتهم بعد تمارين رفع الأثقال؛ هم أنفسهم الذين لديهم أكبر زيادة في عدد الأنوية داخل أليافهم العضلية.
وهذه الزيادة في عدد الأنوية تسمح للألياف العضلية بالنمو وأداء وظيفتها على أفضل وجه.
ذاكرة عضلية !
إذا كنت واحدا من الذين يقضون وقتا طويلا في التمارين، متنقلين بين مراكز اللياقة المختلفة؛ فلابد أنك قد سمعت الحكايات المختلفة التي تدور حول كيف أن شخصا ما قد بدأ حديثا في ممارسة رفع الأثقال، بعد انقطاع عدة سنوات، واستطاع زيادة كتلته العضلية بسرعة، خلاف الأشخاص الآخرين الذين يبدأون في ممارسة هذه التمارين لأول مرة.
هذه الحكايات من غرف تغيير الملابس في مراكز اللياقة تؤيدها الأدلة العلمية كما يشير بحث حديث أن الاحتفاظ بالأنوية داخل الليفة العضلية يقدم تفسيرا لما يحدث.
وفقا لنظرية (المجال النووي)، تفقد الألياف العضلية الأنوية عندما يتقلص حجم العضلة، كما هو الحال في فترات الانقطاع الطويلة عن النشاط، وذلك لكي يتم المحافظة على نسبة ثابتة بين عدد الأنوية وحجم الخلية العضلية.
بالرغم من ذلك وعلى مدى العقد الماضي، وجدت سلسلة من الأبحاث أنه يتم الاحتفاظ بالأنوية عند تقلص حجم العضلة. هذه التجارب (بما فيها هذه التجربة على الفئران)؛ وجدت أنه مع انعدام الحركة أو توقف التغذية العصبية لها فإن الألياف العضلية تتقلص في الحجم ولكن لاتفقد أيا من الأنوية.
وفي الآونة الأخيرة، وجد بحث على الفئران أن الأنوية التي تكتسبها العضلة أثناء فترات التمرين لا تُفقد خلال فترات الانقطاع الطويلة عن التمرين. وهذه الأنوية هي التي تساعد العضلة لإعادة النمو بشكل أكثر فعالية عند استئناف التمرين.
يبدو من ذلك أن العضلات تتمتع ب “ذاكرة” والتي تفسر لماذا يكون الأشخاص الذين يعودون مرة أخرى لممارسة التمارين أكثر قدرة على اكتساب العضلات وبسهولة عن المبتدئين.
وبالرغم من أن مقولة “استخدمها أو اخسرها” صحيحة بخصوص حجم العضلة. إلا أنه قد يكون أكثر دقة لو قلنا “استخدمها أو اخسرها حتى ترجع لاستخدامها مجددا!”، رغم أنها أقل جاذبية كمقولة!
الآثار المترتبة على تناول المنشطات في الرياضة**
تحظر الرابطة العالمية لمكافحة المنشطات استخدام الستيرويدات لأنها تسبب زيادات كبيرة في حجم العضلات والتي قد تمثل ميزة في بعض الرياضات لصالح بعض اللاعبين دونا عن البقية. ويمكن الكشف عن الستيرويدات والمواد الأخرى الناتجة عنها ،بعد دخولها الجسم، في عينات الدم والبول ولمدة قصيرة فقط بعد الاستخدام. ولكن فوائد الستيرويدات على نمو العضلات قد تمتد لفترات طويلة وفي هذه الأثناء قد لا يظهر لها أي أثر في عينات الدم والبول.
نعرف من خلال الدراسات على الفئران أنه عند نمو العضلات نتيجة استخدام الستيرويدات فإن خلايا العضلات تكتسب أنوية أخرى. كما أنها تحتفظ بهذه الأنوية عندما تعود العضلات لحجمها الطبيعي بعد التوقف عن استخدام الستيرويدات (ذاكرة عضلية).
وعندما نقوم بتعريض عضلات هذه الفئران لما يشبه تمارين رفع الأثقال، فإن هذه الأنوية – التي احتفظت بها العضلات قبل ذلك- تساعد العضلات على النمو سريعا وبشكل أكبر من الفئران الطبيعية التي لم تتناول الستيرويدات.
وهذا يعني أن الرياضيين يمكنهم الاستفادة من استخدام الستيرويدات بدون الخوف من أن يتعرضوا للاكتشاف، وقد يكونوا يقومون بذلك بالفعل.
وبالنظر للجانب الإيجابي، فقد تمكننا هذه الاكتشافات الجديدة حول بيولوجيا تكيف العضلات والذاكرة العضلية من تقديم رؤى حول كيفية مكافحة هزال العضلات المرتبط بالشيخوخة وبعض الأمراض، والذي قد يحدث أيضا عند البقاء قيد الفراش في المستشفيات لفترات طويلة.
نيل مارتن، محاضر في البيولوجيا الخلوية والجزيئية
**تعليق المترجم: بخصوص هذا الجزء من المقال فإن استخدام الستيرويدات له أضرار خطيرة جدا، وقد يتسبب في العديد من الأمراض الخطيرة والمزمنة. لذلك لابد من مراجعة المختصين قبل الأخذ بأي من النتائج التي يشير إليها هذا المقال ووضعها موضع التنفيذ.
لا تعليق