للدكتور فرانك كابريو

مؤلف كتاب (لماذا نتصرف هكذا؟)

لو أننا نظرنا إلى الزيجات التي تتم لوجدنا أنه من الممكن تقسيمها إلى فئات أربع:

• الزيجات الطيبة.

• الزيجات العادية.

• الزيجات الرديئة.

• الزيجات المستحيلة.

ونعني بالزواج الطيب ذلك الذي يتفق فيه كل من الزوج والزوجة في الخصال الشخصية، والوسط الاجتماعي الذي شبّا فيه، مما يتيح لهما أن يُرسيا أساس علاقة زوجية ناجحة، يتفاهمان فيهما على كل شيء، ويعرفان معنى الحب؛ وتخلو حياتهما من العقد النفسية التي قد تسبق الزواج.

أما الزيجات العادية، وهي الغالبة، فدرجة الاتفاق فيها أقل، وإن كان الزوجان يحاولان فيها الانسجام كل مع الآخر، ولذلك لا نعتبره زواجًا فاشلًا كل الفشل برغم أن السعادة المطلقة لا تتوافر له، وإن كنا لا نستطيع أن نقول إن التعاسة المطلقة أيضًا تسوده على الدوام.

ومثل هذا النوع من الزواج تتركز سعادة الزوجين فيه حول السكن في منزل متواضع، وتربية الأولاد تربية صالحة، وتأمين الأسرة من الكوارث الاقتصادية والصحية، والتعرف على عدد محدود من الأصدقاء، ومحاولة الصمود أمام ما يعترض الحياة الزوجية من هزات.

والزيجات الرديئة هي تلك التي لا تتفق فيها مشارب الزوجين، ولا تنسجم شخصيتاهما بسبب ما في نفسيهما من عقد متأصلة بحكم التربية المنزلية الأولى، والخبرات التعسة التي لاقاها كل من الشريكين في طفولته؛ الأمر الذي يجعل من المستحيل على كليهما أن يقيم مع شريكه علاقة ناضجة سوية؛ فهي إذن زيجات تسبب الدوافع العصابية في فشلها.

ويؤكد هذه النتيجة الدكتور (إدموند برجلر) في كتابه (الزيجات الفاشلة والطلاق) إذ يقول:

-إن وراء الفشل في الزواج أصولًا عميقة تمتد إلى مطلع الطفولة ثبتت في لا شعور الفرد، مسببة هذه الأنماط السلوكية العصابية التي تتضح في معاملة أحد الزوجين لشريكه.

وأغلب حالات الطلاق لا تحدث إلا في الزيجات المستحيلة! وهذا النوع الأخير من الزواج لا يكون الزوجان فيه ضحية لحياة خالية من الحب والتعاطف فحسب، وإنما يرفضان أي تضحية، ولا يحاولان أبدًا معالجة المشكلات التي تعترض حياتهما الزوجية. ونستطيع أن ندرج تحت هذا النوع الأزواج المدمنين على المشروبات الروحية والمخدرات، وأصحاب الشذوذ الجنسي، والذين يكثرون من الاعتداء على زوجاتهم بالضرب… إلخ.

وأعرف آلافا من الزوجات عانين من الانهيارات العصبية بسبب المعاملة الفظة التي يلقينها من أزواجهن.

وليس في نيتي أن أناقش هنا الزيجات المستحيلة بقدر ما أرغب في الإشارة إلى أن الطلاق ليس دائمًا الحل السليم للزواج الفاشل.

فمنذ عام مضى زارني في مكتبي زوجان وقعا في خلاف شديد. أما الزوجة فكانت الابنة الوحيدة في أسرتها؛ وقد شبت أنانية مدللة؛ أضف إلى هذا أنها كانت تعاني من عقدة الأب، وليس لديها استعداد لتحمل مسئوليتها كزوجة.. وأما الزوج، فهو من النوع السلبي الضعيف، وقد شكا لي من أن زوجته تمانع في أداء واجبها الزوجي وتنفر من ذلك نفورًا شديدًا.

واقترحت عليهما التردد على عيادتي لعقد جلسات تحليلية لهما. بيد أن الزوجة رفضت ذلك بشدة مؤكدة أنها ليست بحاجة إلى التحليل النفسي، وأن زوجها رجل فاشل يجب أن تنفصل عنه في أسرع وقت.. وفعلا تم الطلاق، ثم تردت الزوجة بعد ذلك في مشكلات عدة كما كنت أتوقع لها.

أما الزوج فقد عالجته بالتحليل النفسي حتى تمكن من معالجة نقصه، وبدأ يمارس حياة جديدة.. وكان القدر رحيمًا به فدفع إليه بفتاة مناسبة، ما زال يعيش معها إلى الآن في منتهى السعادة!.

إننا قد نقتل الحصان المريض شفقة به، ولكن الأمر لا يجب أن يكون كذلك بالنسبة للحياة الزوجية، فمن الممكن أن يشفى المرض ويلتئم الجرح. ومهما يبدو الزواج فاشلًا تعسا فمن الممكن إنقاذه من الانهيار.

وفي يدك أن تنقذ حياتك الزوجية إذا رسمت لنفسك خطة لتحليل ذاتك، وتنمية قدرتك على الفهم المنتظم المتبادل. فإذا لم يجدِ هذا فاستعن بخبرة المحلل النفسي.

ولكن كيف تستطيع أن تحل مشكلاتك الزوجية؟

ابدأ أولًا بتحديد نوع العلاقة الزوجية التي ترتبط بها: هل هي من النوع الرديء أم من النوع المستحيل؟ فإذا كانت من النوع الرديء، وكنتما على رغبة في تغيير هذا الوضع في تعاون صادق، فحاول أن تلغي من عقلك إمكان حدوث المعجزة التي تنقذ زواجكما.. واعلم أن التوافق الزوجي شيء لا يتحقق إلا بالسعي الدائب، وليس حلمًا رومانسيًا تسمع عنه في قصة من قصص الحب.. ولا تتبرم بسرعة في نشدانك للكمال الزوجي.. فكل خطوة تخطوها في هذا المجال لها قيمتها مهما ضؤلت في نظرك.

وخطوتك الثانية بعد ذلك هي أن تحلل نفسك.. اسأل نفسك هذه الأسئلة: ما هي طبيعة العلاقة التي كانت قائمة بين أبي وأمي؟ هل كان يحب أحدهما الآخر؟ هل افترقا بالطلاق؟ وإذا كان الأمر كذلك فما مبلغ تأثير ذلك في نفسي؟ هل أنا من أسرة عصابية. وكيف كانت البيئة المنزلية التي عشت فيها.

إن هذه الأسئلة سوف تمكنك من معرفة الجذور الأولى لتعاستك الزوجية. ذلك أن الآثار العصابية التي اكتسبتها في طفولتك تعمل عملها في نفسك.

إن الزوجة التي تخشى دائمًا أن يطلقها زوجها تخفي وراء خشيتها هذه ماضيًا من التعاسة مرت به أثناء طفولتها الأولى عندما افتراق أبواها بالطلاق، وانهار المنزل. وكذلك الأمر بالنسبة للأزواج الذين يلومون زوجاتهم بسبب فشلهم في تسيير دفة الزواج؛ وهذا ما يدفعنا كي ننصحك بأن تتأكد من أن تعاسة والديك في حياتهما السالفة تؤثر تأثيرًا لا شعوريًا في اتجاهك الحالي السائد حيال الزواج.

واسأل نفسك أيضًا: أي نوع من الناس كنته قبل زواجي؟ هل كنت تعسا؟ ولماذا تزوجت؟ وهل أنا الشخص المناسب تمامًا لزوجتي؟ هل يحبني الناس؟ وما هي سمات شخصيتي؟

لو أنك أجبت على الأسئلة السابقة بمنتهى الأمانة لتكشفت لك معظم الأسباب الكامنة وراء مشكلاتك.

ولا تهتم بادئ الأمر بأخطاء شريك. حسبك أن تبدأ بنفسك أولًا. وأؤكد لك أن مدة تتراوح بين ثلاثة شهور وستة شهور من العزم والتبصر بالأمور كفيلة بأن تخلق منك شخصًا جديدًا. إن الأمر لا يتطلب منك سوى إرادة قوية منظمة كي تكون عادات واتجاهات جديدة. واعلم أنك لكي تستطيع أن تغير ما بزوجك يجب أن تغير ما بنفسك أولًا، فتتخلص بذلك من نصف متاعبك. فإذا انتهيت من أخطائك تستطيع أن تمد يد المساعدة إلى شريك حياتك، فتبعث فيه نفس روحك الجديدة، والتغير الذي دب فيك. وأنت بالطبع محتاج إلى أن يعاونك شريكك على قبول التغير، وليس أمامك ما هو أفضل من أن تبدأ التجربة.

_ نُشر أولًا بموقع حياتك.

 

 

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *