ليس في وسع إنسان أن يحيا حياة خالية تمامًا من أسباب المنغصات، ولا من التجارب التي تصيبه بالهم، والقلق، والألم؛ ولا أظن إنسانًا يرضى بهذه الحياة لو عرضت عليه، فهي بحياة الحيوان أشبه!.. ولكن في وسع كل إنسان أن يحول كل (سالب) يصادفه في حياته إلى (موجب)… في وسعه أن يواجه تجارب الحياة مواجهة إنشائية بقصد استخلاص العبرة، والفائدة العملية… فالسعادة- كما قال أحد الحكماء- ليست في المتعة وإنما في الظفر… في الانتصار على ما يعترض الطريق من منغصات وعقبات…
وأقوى ما تتسلح به ليتم لك النصر هو أن تنتفع بتجارب الناس… ولتجارب الناس أفردنا هذا الباب، أو هذا (المعرض)، وفتحنا أبوابه للقراء…
وإليك نموذجًا لتجربة إنسانية أرسلها إلينا القارئ ع. م. أ… وهي مشكلة لعلها صادفتك، أو لعل لك فيها رأيًا سديدًا، فأرسل لنا تجربتك أو رأيك واظفر بإحدى الجوائز…
كيف أنقذ زواجي من الفشل؟
أرسل لنا القارئ (ع. م. أ) هذه التجربة التي خاضها وما زال يعانيها حائرًا لا يدري على أي بر يرسو. كتب يقول:
تزوجت منذ نحو ثلاث سنوات. وانقضت سنة بين الخطوبة والزفاف، ولكنني لم أر من زوجتي في خلال هذه المدة ما يشككني في إمكان حصولي على السعادة الزوجية. كانت زوجتي، مثلي، خريجة الجامعة، وكانت لها وظيفتها في إحدى المصالح الحكومية. والواقع أنني لم أسترح لعملها كثيرًا، خاصة وأن دخلي يكفل لأسرتنا مستوى ماديًا رغدًا. وتحدثنا في هذه النقطة قبل الزواج فكانت وجهة نظرها أنها لا تطيق القعود في البيت طول اليوم، ولا داعي لهذا القعود طالما أنها قادرة على أن تجمع بين عملها في البيت وعملها في الحكومة. وانتهى نقاشنا عند هذا الحد…
على أنه اتضح لي بعد الزواج أن هذه الكفاءة ليست متوفرة!.. فهي لا تحسن في الواقع إلا عملها الحكومي! أما عمل البيت فلا تحسن منه شيئًا! فهي لا قبل لها بتدبير المنزل، ولا قبل لها برعاية الطفل الذي أنجبناه في السنوات الثلاث التي انقضت على زواجنا، ولا بتوفير الجو المنزلي الهادئ الذي لا أستطيع العمل إلا فيه، وجزء كبير من عملي يتم في البيت… وأصبح اعتمادنا في هذه الشئون كلها على الخدم الذين لا يعتمد عليها- كما تعلمون. وقد كنت قبل زواجي أتناول وجبات الطعام في مواقيتها، وأقيل بعد ظهر كل يوم بقصد الاستجمام لأواصل العمل بعد الظهر، وأجد ملابس نظيفة، موضوعة في مكانها الذي اعتدته، وإذا دخلت غرفة مكتبي للعمل لم أجد من يزعجني بين كل دقيقة وأخرى بطلب.. ولكني افتقدت هذا كله بعد الزواج! فكثيرًا ما أعد طعامي بنفسي، وغالبًا لا يتسع الوقت لأقيل بعد الظهر، فقد أفرغ من غدائي في الخامسة مثلًا، ولا أخلو لعملي في البيت إلا دقائق معدودات أنهض بعدها لألبي طلبًا…
إنني لا أقول إن حياتي جحيم، ولا أقول إن زوجتي ميئوس منها، بل كل ما أقوله أن في وسعي أن أكون أسعد حالًا، وأن في وسع زوجي أن تكون زوجة أفضل… إنني راغب رغبة صادقة في أن أنقذ زواجي من الفشل… فكيف؟! هلا أرشدتموني إلى رأي سديد؟
فما رأيك أيها القارئ؟…
هل من رأي تشير به علي القارئ (ع. م. أ) لكي ينقذ زواجه من الفشل. هل مررت أنت بتجربة شبيهة وخرجت منها ظافرًا؟… اكتبها إلينا واظفر بإحدى الجوائز…
نتيجة مسابقة العدد الثالث
هكذا أعددت ولدي للحياة
نشرنا في العدد الثالث من (حياتك) رسالة جاءتنا من القارئة السيدة (ليندا إسكندر)، وتسأل فيها الرأي فيما تصنع حيال خوفها الشديد على طفلها، وقلقها على صحته.. وقد طرحنا هذه المشكلة على القراء وطلبنا إليهم أن يرسلوا لنا تجاربهم مع أبنائهم، وكيف أعدوهم للحياة رجالًا متحررين من الخوف، معتمدين على أنفسهم، شجعانًا في مواجهة أحداث الحياة…
وتوالت علينا رسائل القراء تشارك في حل مشكلة القارئة الفاضلة، وتعرض نماذج من أساليب التربية التي أخذوا بها أبناءهم ليعدوهم للحياة أحسن إعداد…
ومما هو جدير بالتسجيل أن كثيرًا من الرسائل التي وصلتنا كتبها أبناء، ورووا لنا كيف أعدهم آباؤهم للحياة… كما جاءتنا رسائل من أعمام وأخوال كان لهم شأن في إعداد أبناء إخوتهم أو أخواتهم للحياة..
وفحصت لجنة الفرز ما ورد إلينا من ردود، ثم منحت الجوائز المقررة لحضرات الآتية أسماؤهم:
الفائزون بالجوائز
- الجائزة الأولى وقدرها خمسة جنيهات، فاز بها: الأستاذ عبد الله لبيب- بالفشن.
- الجائزة الثانية وقدرها ثلاثة جنيهات، فاز بها: الأستاذ عبد المنعم مصطفى غرابة- بالمنيا.
- الجائزة الثالثة وقدرها جنيهان، فاز بها: الأستاذ محمد أبو بكر بياض- بالقاهرة.
الجوائز الخمس التالية وقيمة كل منها اشتراك لمدة سنة في المجلة، فاز بها حضرات:
- أ. م. س. (ونرجو أن يتفضل بذكر اسمه وعنوانه).
- محمد الطاهر الصفتي- بالإسكندرية.
- محمد يوسف سرحان- ببيروت.
- حامد أحمد نصر- بميت غمر.
- محمد عبد المجيد الحداد- بالإسكندرية.
الردود الفائزة
بالتغاضي خلصت ابنتي من ادعاء المرض
عندما كانت ابنتي في الرابعة من عمرها كانت تدفع كل من بالمنزل، لتحقيق رغباتها، اجتنابًا لنوبات غضبها التي كانت تقلب المنزل رأسًا على عقب!
وعندما بلغت السادسة وألحقتها بالمدرسة، اتخذت من ضعف صحتها ذريعة تيسر لها كثيرًا من المصاعب المدرسية، وتهيئ لها في المنزل كثيرًا من الامتيازات الخاصة، وعذرًا لها عن كل ما تفعل، حتى أصبحت حياتها بأجمعها قائمة على هذه الرغبة في أن تكون محط الأنظار..
واتفقت مع أمها، حرصًا على مستقبلها أن نغير موقفنا منها تغييرا أساسيًا، وكان هذا الاتفاق يقضي بأن نتغاضى قليلًا عن الأعراض المرضية التي كنا نجزع لها أيما جزع، كرعشة يدها، ورعشة صوتها مع إحاطتها بالحنان ومكافأتها في المواقف التي تستحق الحنان ومكافأتها لاجتهادها في المدرسة، أو مساعدتها لأمها في عمل من أعمال البيت… ومع الصبر والمثابرة على تجاهل ما يستحق الاهتمام، وتشجيع كل عمل إيجابي منها، تحولت ابنتي إلى طفلة لطيفة، مرحة، مجتهدة في دراستها، متعاونة مع أمها في عمل المنزل.
(عبد الله لبيت- الفشن).
خلصت ابن عمي من الخوف
لي ابن عم في الثامنة من عمره، توفي والده وتركه صغيرًا، فضم إلينا… ولاحظت أن الأولاد الذين يلعب معهم قد بثوا في نفسه الخوف والرعب إذ أوهموه بوجود عفريت يظهر بجوار المنزل في الليالي المظلمة، ويتشكل بأشكال فظيعة، وأنه يعترض الأطفال ويخطفهم! ورسخ ذلك في ذهنه، وصار دائم الخوف والفزع، ولا يكاد يقترب من هذا المكان إلا ويجري خائفًا مضطربًا يلهث من الخوف والتعب. وخشيت أن تظل هذه المسألة عالقة في ذهنه فيشب جبانًا خائر النفس. وحاولت بكل وسيلة أن أزيل هذا الأثر من نفسه ولكن ضاع تعبي سدى. ثم هيأ الله له ما أزال هذا الخوف من نفسه. فقد نزل بجوارنا بعض الأعراب ونصبوا خيامهم في المكان الذي كان يتوهم أن العفريت يوجد به وكان معهم بعض الأطفال الصغار الذين يتفقون معه في السن، وكانوا لشدة الحرارة ينامون بعيدًا عن خيامهم فكنت أريه هؤلاء الأطفال الصغار وهم نيام في المكان الذي اعتقد أن العفريت يظهر فيه، وأقول له أنه لو كان هناك عفريت كما يقولون لخطف هؤلاء الأطفال! وبذلك قضيت على خوفه وعادت إليه شجاعته.
(عبد المنعم مصطفى غرابة- بالمنيا)
هكذا أهلني والداي للحياة
اعذروا لي تقدمي لهذه المسابقة التي كان المفروض أنها قاصرة على الآباء والأمهات فقط… ولست أطمع في جائزة ولكني أود أن أبين للقراء الطريقة التي سلكها والداي معنا في تربيتنا حتى أصبحنا مثار إعجاب كل من عرفونا… وألخص هذه الطريقة في النقط الآتية:
- حضنا دائمًا على الاعتماد على النفس.
- إشعارنا ببعض المسئولية وتكليفنا القيام ببعض الأعمال التي تتناسب مع طاقتنا.
- أخذ رأينا في جميع المشكلات والمسائل التي تمت لنا بصلة.
- احترام رأينا وعدم السخرية منا.
- إشباع هوايتنا بقدر الإمكان.
- تعيين مصروف يومي خاص بنا لا نتعداه مهما تكن الظروف.
- لم نسمع منهما كلمة نابية أو منكرة سواء لنا أو لغيرنا.
- كونا فيما بيننا اتحادا رصدنا له ميزانية معينة من مصروفنا ننفق منه على رحلة في القاهرة أو ضواحيها نقوم بها كل أسبوع بمفردنا.
- عملا على توفير أسباب الترفيه والكتب والمجلات في البيت دائمًا.
***
قلت له (لقد أصبحت رجلا، ومفتاح الرجال التجارب فتغرب وجرب وأثبت جدارتك).
وسافر. وجاءني منه بعد شهر خطاب يقول: (أشكرك يا ابن العم. أنت الذي حببت لي الحياة وملأت نفسي بالأمل والعزيمة وقويتني على صراع الخطوب)
(محمد يوسف سرحان- بيروت).
أعددت ولدي بعكس ما أعدني أبي!
أعددت ولدي للحياة بعكس ما أعدني أبواي للحياة! فبعكس ما كان أبي وأمي من خلاف دائم، حرصت على أن أكون مع زوجي على وفاق تام حتى لا ينعكس ضوء الخلافات على الطفل.
ولما كان أبي يحجر على حريتي ويقطع علي حديثي مع أترابي، ظنا منه أن هذا سيمنحني الاستقامة ويهديني إلى الطريق السوي، فقد تركت لطفلي الحرية في اختيار الرفاق مع توجيهه للاختيار توجيها خفيًا عن طريق القصص مثلا.
وعندما كنت شابًا كان والدي يشك فيّ شكًا سافرًا، ولكن عملت مع ابني بالمثل القائل (إن كبر ابنك خاويه)… وقد كان لذلك كله أثره في نفس ابني الذي أعتز بتقديمه للحياة رجلًا ناجحًا
(حامد أحمد نصر- ميت غمر)
خلصت ابنة أختي من الكذب
عندما بلغت ابنة أختي السادسة أرسلناها إلى المدرسة. وقد أظهرت الطفلة شيئًا من النبوغ في استيعاب دروسها وحفظ الأناشيد الوطنية، مما كان يدعو مدرساتها إلى أن يطلبن من التلاميذ التصفيق لها… وحين تحضر الطفلة إلى البيت كانت تقص علينا مسرورة ما حدث في الفصل، فكنا نكافئها ونشتري لها (الشوكولاتة)، أو نعطيها قرشًا، غير قبلاتنا المتلاحقة والثناء عليها أمام الجيران.
ولكن الطفلة تمادت في سرد قصص نبوغها طمعًا في (الشوكولاتة) أو القرش أو الثناء أمام الجيران، فلما لاحظنا أنها تنساق في تيار الكذب ذهبت إلى مدرستها وشرحت لها الموقف، واتفقنا على خطة تمنعها من الكذب… فأحضرت الطفلة أمام المدرسة وقلت لها ضاحكًا: (في كل مرة تظهرين (الشطارة) ستعطيك المدرسة ورقة موقعة منها لكي تحصلي بها على هدية (الشوكولاتة)، ومن غير الورقة لن تنالي شيئًا) وكان هذا سببًا في أن تضاعف جهودها، وفوق هذا كله كان سببًا في منع الكذب من التغلغل في نفسها.
(محمد عبد المجيد الحداد- الإسكندرية).
-نُشر أولًا بموقع حياتك.
لا تعليق