وسائل التواصل الاجتماعي، “السوشيال ميديا”، على الرغم من فوائدها الكثيرة إلا أن هناك جانب مُظلم فيها يأتينا بالكثير من المشاكل في حياتنا اليومية، إلى جانب الإصابة باضطرابات نفسية كثيرة والتي منها: تدنى مفهوم الذات، والنرجسية، وعقدة النقص، وحب الشهرة، والغيرة، والحقد، والحسد، والانطواء، لم تتوقف تلك الاضطرابات والمشاكل عند شخصية معينة إنما طالت الجميع بنسب متفاوتة؛ فعليك أن تبحث فيما يلي عما أصابك لكي تبدأ في التعافي.
الأمر يبدأ منذ اللحظة الأولى في الانضمام للشبكة العنكبوتية على حاسوبك أو هاتفك المحمول، تبدأ في إعداد بريدك الخاص ثم تدخل إلى العالم الجديد حيث يوجد الجميع من كل أنحاء العالم، تبدأ في تكوين صداقات مع الأشخاص المقربين، ثم الذين يسكنون في نفس المنطقة المكانية والذين يدرسون في نفس مدرستك أو جامعتك، ثم الإعجاب ومتابعة المشاهير، إلى أن تبدأ الصراعات الداخلية لديك ومقارنة ذاتك بالأخرين وهنا تجد نفسك أمام خيارين:
إما أن ينخفض مفهوم الذات لديك لأن الأخرين أفضل منك ولا تستطيع أن تلحق بهم، إما أن تتقمص شخصية أخرى غير شخصيتك الواقعية وتبدأ في ادعاء المثالية والنجاح ومن هنا تأتى الرغبة في الشهرة وإذ أنك فشلت في ذلك لزاد انخفاض مفهوم الذات لديك، أما لو نجحت ستبدأ في مواجهة مشاكل عديدة من بينها العُجب والغرور والكبر وستتحطم علاقاتك الواقعية، فالمشاهير لا يوجد لديهم وقت للعلاقات الجادة والعميقة، ينشغلون دائماً في كيفية زيادة الجمهور لزيادة العائد المادي.
كلنا لا ندرى أننا نسير في اتجاه المرض، كما يرى الكثيرون أن الفيسبوك وجميع وسائل التواصل أداة للمحافظة على الصداقات القديمة وتكوين صداقات جديدة، بينما تؤكد الدراسات أنه بعد الانغماس في الفيسبوك تبدأ الصداقات القديمة في الفتور لأن الفرد ينتظر أن يهتم بصفحته الجميع فإن لم يجده من صديقه يشعر بخيبة أمل ويبدأ في صداقة أخرى تهتم بصفحته.
تقول سوزان غيرنفيلد: يبدو الفيسبوك أداة لتحويل كل المعارف المقربين والآخرين غير المعروفين إلى جمهور للعروض الذاتية التي تتسم بالفردانية.. قد يمثل العرض الذاتي الجماهيري على مواقع التواصل واحدة من الطرق التي يقوم بها الشبان اليوم بتفعيل القيم المتزايدة للحصول على الشهرة والاهتمام.. تؤدي تقنيات الاتصال الجديدة إلى زيادة التركيز الفردي على الذات.
أما عن الحسد والشعور بعدم الرضا؛ فمن الملاحظ زيادتهم في السنوات الأخيرة بعد انتشار أدوات التواصل، وهذا بسبب أننا أصبحنا نعلم ما يملكه الجميع ونقارن أنفسنا بهم مثل: هذا لديه مال وسيارة أفضل مما لدي، زوجته أفضل من زوجتي، خطيبها أفضل من خطيبي، هذا سعيد ولا يعاني من مشاكل بينما أعاني أنا من المشاكل يومياً…
كما “زعمت إحدى شركات المحاماة المتخصصة في الطلاق أن ما يقرب من واحدة من كل خمس عرائض يعالجونها ذُكر فيها الفيسبوك. ويزداد استخدام البريد الإليكتروني والرسائل الغرامية الموجودة على صفحات الفيسبوك كدليل على السلوك غير العقلاني. وفقاً لشركة الخدمات البريطانية الطلاق أون لاين كان الفيسبوك مكتنفاً في 33 في المائة من حالات انهيار الزواج “، بالإضافة إلى المحادثات الجنسية المنتشرة في كل بلاد العالم، كما إني لن أتطرق إليها كثيراً ولكن وجب التنويه عليها لكي تحافظوا على بناتكم.
الأغلبية تدمن الإنترنت؟ نعم هناك إدمان يسمى بإدمان الإنترنت وهو كما عرفه يونج: أنه اضطراب قهري لا ينطوي على تعاطي المُسْكِرات، ويشبه في ذلك القُمار المرضي. ويُظهر مدمن الإنترنت بعض الدلائل؛ كالانشغال والهوس بالإنترنت أي التفكير فيه بصفة مستمرة، والاستخدام المتكرر، والجهود غير الناجحة في ضبط هذا الاستخدام والسيطرة عليه أو التوقف عن استخدامه، والإحساس بعدم الراحة والاكتئاب والتململ أو التهيج نتيجة المحاولة للحد من استخدام الإنترنت، واستخدام الإنترنت كأسلوب للهروب من المشكلات أو التخفيف من المزاج المتعكر.
و مع تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يرى الباحثون أن وسائل التواصل هي السبب الرئيس في تطور أعراض الاكتئاب والقلق وانخفاض تقدير الذات، بصفة عامة ظهور وزيادة حدة الاضطرابات النفسية . لقد اعتبرت خصائص سلوك الشخص على الإنترنت من العوامل المساعدة في تحديد هذه الأعراض وتقييمها لأننا اليوم يمكننا الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر في التعرف الباكر عن الأعراض الاكتئابية بين مستخدمي هذه الشبكات.
نُشرت دراسة لمجموعة من الباحثين أشاروا فيها إلى أنه كلما كان المستخدم أكثر اكتئاباً، استخدم شبكات التواصل الاجتماعي أكثر، وتحديداً موقع فيسبوك.
وفي هذا السياق نفى الدكتور باركلي أية فائدةٍ مرتبطة بمهارات التواصل الاجتماعي قد تعود على الفرد نتيجة استخدامه وسائل التواصل الاجتماعي. ويقول دكتور باركلي: “إن كثرة استخدام الهاتف المحمول لتصفح وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي يصاحب ارتفاع مستوى القلق”، ويضيف: “في الواقع، تسوء العلاقات الحقيقية بين الأفراد بالاستخدام المتتابع للهاتف المحمول”.
أشارت دراسة بريطانية إلى أن هناك ارتباطاً قوياً بين استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والصحة العقلية؛ فقد بينت الكثير من الدراسات أن استخدام الأطفال والمراهقين تحديداً منصات التواصل الاجتماعي لفترة طويلة مرتبط بعلامات نقص تقدير الذات وزيادة انتشار الاكتئاب.
إحدى التفسيرات في ما يخص العلاقة السلبية بين فيسبوك واحترام الذات تفترض أن الأفراد ذوي الثقة العالية بالنفس يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي لتعزيز سلوكهم النرجسي، فنجدهم أكثر نشاطاً للحصول على محتوى يستطيعون من خلاله ممارسة نرجسيتهم.
الأمر سيء ويزداد سوء، لكن الحقيقة أن وسائل التواصل لايمكن لها أن تحل محل العلاقات الحقيقية حتى وإن كانت العلاقات مليئة بالمشاكل.
-نُشر أولًا بموقع حياتك.
لا تعليق