تأليف: لورانس فريدمان – ترجمة: أحمد طارق البوهي
الاستراتيجية . . . كلمة تدل على شيء لم يكن يسميه الكلام، ذلك الفن الخفي الأنيق، تلك المهارة الدقيقة التي ما تمتع بها قائد عسكري عبقري أو زعيم سياسي محنك إلا استطاع التغلب على أعتى الخصوم بأقل التكاليف. كلمة أحياها منظرو الحرب الأوروبيون، باستخراجها من اليونانية القديمة، في بداية القرن التاسع عشر، إبان حقبة الحروب النابوليونية، رغبة منهم في تحويل ذلك الفن العالي إلى علم عقلاني له قواعده وقوانينه، إلى شيء يمكن تعلمه وحسابه والتنبؤ به؛ يمكنهم من التغلب على الصراع وتكاليفه والوصول إلى النصر دون عنت ومشقة. وهو نفس الحلم الذي يراود مفكري الحرب والسياسة والأعمال.
هذا الكتاب ربما يكون أفضل ما تم إنتاجه شمولاً وإحاطة بتاريخ هذه الرحلة الطويلة للفكر الإستراتيجي الغربي يقدمها أحد أبرز أساتذة الدراسات الاستراتيجية في العالم (لورانس فريدمان)، فيقدم فيه خلاصة حياة من الدراسة والتدريس والبحث في العلوم الاستراتيجية. وقد حصل الكتاب على عدد من الجوائز ، كما تم اختياره من قبل صحيفة فايناشال تايمز، كأحد أفضل الكتب لعام 2023.
يقدم فريدمان، في سرد سلس وممتع، تاريخا شاملا للفكر الاستراتيجي الغربي أصوله ونشأته وتطوره ليس في الحرب وحسب، وإنما في السياسة وإدارة الأعمال والاقتصاد والعلوم الاجتماعية والإنسانية كذلك. فهو لا يكاد يترك مفكرًا أو مُنظرًا أو كاتبًا غربيًا تعرض للاستراتيجية إلا وتناوله بالبحث والنقد وبيّن أفكاره وتطورها وأثرها على جيله والأجيال التالية له. وهو مع ذلك لا يكتفي بتاريخ الفكر فقط، وإنما يتعداه إلى تاريخ الذين مارسوا الصراع وحاولوا تطبيق هذه الأفكار والنظريات عن الاستراتيجية على أرض الواقع وأثر ذلك التطبيق على الفكر والعكس بالعكس.
إن أهم ميزة في هذا الكتاب هو شموله وإلمامه بقدر هائل من النظريات والأفكار والممارسات الاستراتيجية الغربية. فهو موسوعة عن تاريخ الأفكار والعلاقة بين الفكر والممارسة وبين التنظير والعمل، وبين التصورات المجردة والواقع المُعاش، وبين الصراع والتعاون وأوهام القدرة على التحكم والسيطرة ومحاولات التأقلم مع البيئة المتغيرة والظروف المتقلبة.
سواء كان اهتمامك بتاريخ الأفكار والفلسفات، أو لك اتصال بعوالم الحرب أو السياسة أو إدارة الأعمال، بل وحتى أهل العلوم الإنسانية والاجتماعية وأصولها وفلسفة علومها:
هذا الكتاب ضروري لك؛ “فالكل لديهم خطة، حتى يتلقوا لكمة في الفم”
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.