هبة العلاج النفسي

“منذ أن دخلت مجال الطب النفسي أول مرة، كان لدي اهتمامين ثابتين: العلاج الجماعي والعلاج الوجودي. هذه اهتمامات متوازية ولكنها منفصلة: أنا لا أمارس “العلاج الجماعي الوجودي”؛ بل، لا أعلم كيف يبدو هذا العلاج. يختلفُ كلاهما ليس فقط بسبب الشكل ولكن في إطار جوهرهما المرجعي.
عندما أرى المرضى في العلاج الجماعي فإنني أعمل بإطارٍ مرجعي يخصُ العلاقات بين الأشخاص، وأفترضُ أنّ المرضى يقعون في حالةٍ من اليأس نتيجة عجزهم على تطويرِ علاقاتٍ شخصية مُرضيةٍ والحفاظ عليها. ولكنني، عندما أعمل بإطارٍ مرجعيٍ وجودي، فإنني أشرع بافتراضٍ مُختلفٍ كلّ الاختلاف: يقعُ المرضى في حالةٍ من اليأسِ نتيجة المواجهة مع حقائقِ قاسية تفرضها عليهم طبيعتهم الإنسانية؛ (مُسلمات) الوجود.
إنّ النصائح الواردة في كتاب «هبة العلاج النفسي» الكثير منها تنطلق من إطارٍ وجودي غير مألوف للكثير من القراء، وجميعها مُستمد من ملاحظاتِ خمسة وأربعين عامًا من الممارسة السريرية. إنها مزيجٌ مُميزٌ من الأفكارِ والتقنيات التي وجدتها نافعة في عملي. هذه الأفكار شخصية جدًا وتعتمد على أرائي الراسخة التي لا تتغير وأحيانًا الأصيلة بحيث من غير المرجح أن يقابلها القارئ في مكانٍ آخر. وبالتالي، ليس المقصود من هذا الكتاب بأيّ حالٍ من الأحوالِ أن يكون دليلًا منهجيًا؛ بل أعتزم بدلاً من ذلك أن يكون مُكملًا لبرنامج تدريبي شامل. لقد شرعتُ باختيار الفئات الخمس والثمانين في هذا الكتاب عشوائيًا، مُسترشدًا بشغفي بالمهمةِ بدلاً من أيّ ترتيبٍ أو نظامٍ مُحدد. لقد بدأت بقائمة تضم أكثر من مائتي نصيحة، وفي نهاية المطاف شرعتُ بحذف تلك التي لم أشعر بالحماس لها.