تهذيب كتب الزهد المسندة

عن ابن عباس، رضي الله عنه، قال:

“الزهد أن لا يسكن قلبك إلى موجودٍ في الدنيا، ولا يرغب في مفقود منها”

من أنفع المواعظ ما تضمنته كتب الزهد والرقائق من قرائح العقول ونصائح خير القرون، وقد ألف كثير من علماء الإسلام كتبًا قيمة في الزهد، عظيمة المنفعة، كافية في التزكية. لذلك جاء هذا الكتاب، بعون الله وفضله، جامعًا للمنتقى على ما كان عليه النبي ﷺ والصحابة والتابعون وأتباعهم من الزهد في الدنيا الفانية، والرغبة في الآخرة الباقية، عسى أن نسدد ونقارب في التشبه بهم، والاقتداء بأحوالهم، في الغنى والفقر، وفي الصحة والمرض، وفي صلاح النية والأعمال.

وقد انتقى مؤلفه أفضل ما وجد في كتب الزهد والرقائق والأخلاق المسندة التي ألفها العلماء السابقون، والتي بلغت 15 كتاب، ورووا فيها بأسانيدهم الأحاديث والآثار؛ وقد بلغت في هذا الكتاب (3049) حديثًا وأثرًا. وكان سبيله في الاختيار ما هو أقرب للفائدة والموعظة، وأعظم في المنفعة والتزكية، وقد حُذفت الأسانيد إلا نادرًا تسهيلًا للقراء، واقتُصر من الأحاديث المرفوعة على الصحيح والحسن، وبُين في الهامش تخريجها باختصار؛ كما أعرض الدكتور المطري عن تخريج الآثار، وانتقى أحسنها معنى، وأعظمها موعظة وذكرى.

“فدونك أيها القارئ هذا الكتاب النفيس بلا تعب، فقد كفيتك انتقاء أحسن ما في كتب الزهد من الآثار بلا تكرار، وشرحت في الهامش بعض الكلمات الغربية، وذكرت بعض التنبيهات المهمة، وعرّفت ببعض الأعلام للحاجة، ولم أُكثر التعليقات في الهوامش خشية الإطالة، واقتصرت من بعض الروايات الطويلة على بعض ما فيها مما يحسن اختياره، وقد تضمن هذا الكتاب المختصر فوائد علمية قيمة لا تخفى على طلاب العلم، وسيجد كل من يقرأ هذا الكتاب من المواعظ والحِكَم والحكايات ما ينتفع به في علمه وعمله بإذن الله سبحانه . .”

“صلاحُ أوَّلِ هذه الأُمَّةِ بِالزُّهدِ واليَقينِ، ويَهْلَكُ آخِرُها بِالبُخْلِ والأَمَلِ“.