للأستاذ عبد الفتاح الزيادي
مراقب منطقة دمنهور التعليمية سابقًا
زعم (جورج كنج) مؤسس جمعية المؤمنين بالأطباق الطائرة بإنجلترا أنه تلقى من أهل كوكب المريخ إنذارًا إلى إخوانهم أهل الأرض، يحذرونهم فيه من خطر الاستمرار في تفجير القنابل الهيدروجينية!.. وجاء في صحيفة (امبايرينو) التي نشرت هذا الخبر أنه تلقى هذا الإنذار من القطاع السادس في كوكب المريخ عن طريق أحد الأقمار الدائرة في فلكه!..
وسواء صح هذا الزعم أو كذب، فإنه ليس من الأمور المستبعدة تلقي إشارات من كوكب استرعى اهتمام العماء مثل كوكب المريخ، منذ أن وجدوا طبيعته تشبه إلى مدى بعيد طبيعة أرضنا التي نعيش عليها.
فالمريخ أقرب الكواكب السيارة الخارجة عن مدار الأرض وأشهرها… أي أن فلكه تال لفلك الأرض، خارج عنها، وداخل في أفلاك المشترى وزحل وغيرهما من الكواكب العليا…
وإذا كان العلماء يعتبرون الزهرة توأم الأرض، فإن المريخ شقيقها الأكبر.
الوصول إلى القمر- الذي أصبح وشيك الوقوع- ما هو إلا خطوة أولى للوصول إلى الكواكب التي يرجح وجود الحياة فيها، وفي مقدمتها المريخ.. فما الذي يرجح وجود الحياة في المريخ؟ وكيف يمكن أن تكون الحياة فيه؟.
وتستطيع أنت أن تتبينه في السماء بما يمتاز به من بريق برتقالي ضارب للحمرة.. ويعلل العالم (رمبل) أستاذ علم الفلك بجامعة (برنستون) احمرار ضوء المريخ بأن معظم أكسجين المريخ قد اتخذ بصخوره ولونها بهذا اللون.
وبسبب احمرار لون المريخ سماه العبرانيون قديمًا (الملتهب)، وأطلق عليه قدماء اليونان (المتقد)، وسماه الهنود (انجاراكا) ومعناها الفحم المضطرم. وهو في أساطير الرومان آلة الحرب، وقد رمزوا له بصورة درقة وسهم.
وما من شك في أن شروط الحياة في المريخ متوافرة. فالشمس تشرق عليه كما تشرق على الأرض، وتهبه نورها وحرارتها، ويتعاقب فيه الليل والنهار، ويومه أربع وعشرون ساعة ونصف الساعة. والمرجح أن للمريخ غلافًا جويًا بدليل وجود السحب المتحركة فوق قرصه، والضباب الكثيف المحيط به. ووجود بخار الماء دليل على وجود الأكسجين والنتروجين وغاز الكربونيك. وإذا كنا لا نرى بأعيننا هطول الأمطار على سطح المريخ فلا بد لنا من الحكم به عن طريق الاستنتاج لأن وجود السحب وتجددها يستلزم انحلالها.
ويحتمل أن تكون بعض المناطق المظلمة التي لا تُرى على سطحه سهولا يكسوها النبات، كما يحتمل أن تكون بحارًا… والمرجح أن بحار المريخ منخفضات يتجمد ماؤها ليلا، ويعود ماءً في النهار! أما الترع والخطوط السوداء التي ترى على سطح المريخ، فهي مجاري المياه المنحدرة من الأراضي العالية..
ويلاحظ على المريخ تغيرات فصولية… ففي الشتاء تتكون (قلنسوة) من الثلج الأبيض حول قطبه الشمالي، فإذا أقبل الصيف ذاب فيتغير بذوبانها شكل الأراضي التي في جنوبها. ويظن بعض الفلكيين أن هذه التغيرات تسبب نمو أعشاب خضراء بفعل تدفق مياه الجَمْد المنصهر.
وإذا أردنا أن نعقد موازنة بين إنسان المريخ وإنسان الأرض رأينا أن الرجل الذي زنته سبعون كيلو جراما في الأرض تهبط زنته إلى 26 كيلوجرامًا فقط إذا انتقل إلى المريخ، وذلك لاختلاف كثافة المواد المؤلفة للأرض عن تلك التي يتألف منها المريخ… فرجل المريخ إذن لا يجد من العناء في قطع مسافة طولها 50 كيلو مترًا ما يجده إنسان الأرض في قطع 20كيلو مترا؛ ولا يكابد مشقة في الوثب من فوق ذرى الأشجار، وأعالي المنازل، وعلى هذا الأساس ترجح فكرة أن كائنات المريخ خلقت مزودة بالأجنحة!.
وقانون المرجحات يؤيد أن هناك من القرائن ما يحمل على الظن بأن المريخ مأهول بالخلائق، وأن فيه ضربًا من ضروب الحياة، ولعل أقوى حجة على تأييد هذا الظن، القول بأن اختصاص الأرض وحدها بالحياة، أمر لا يتفق مع نظام الكون…
وقد زعم بعض العلماء أن القنوات المشقوقة على سطحه، إنما هي من أعمال أهله، وأن أهل هذا الكوكب لا بد وأن يكونوا على جانب وفير من المهارة في حفر الترع والقنوات، لربط البحار بعضها ببعض، وأنهم أشد منا ذكاء وأرسخ قدمًا في المدنية والعمران.
وقد طال جدال الفلكيين حول خير الوسائل للتفاهم مع أهل المريخ، واقترحوا مخاطبتهم عن طريق اللاسلكي… ولكن لا سبيل لنجاح هذه الطريقة إلا إذا كان في المريخ آلات لاستقبال هذه الإشارات وتسجيلها، وإدراك معناها!.. واقترح بعضهم طريقة تفجير ينابيع الضوء الكهربائي في أثناء الليل بحيث يرى من المريخ.. ويجرى البحث الآن لاستخدام مرايا لعكس الأشعة الشمسية على سكان المريخ، ليجيبوا بمثلها!..
وقد كان القدامى يعتقدون أن المريخ ليست له أقمار تدور حوله، وظل هذا الاعتقاد سائدًا إلى أن وفق الأستاذ (أساف هول) إلى كشف قمرين صغيرين له بمرصد واشنجتون، وكان هذا حدثًا عظيمًا في نهاية القرن الماضي، وانتصارًا للبحث العلمي اهتزت له أركان المعاهد الفلكية في العالم. وسمي هذا القمر القريب (فيبوس)… ومن غريب أمره أنه يدور ثلاث مرات حول المريخ، بينما يكون المريخ قد قطع دورة واحدة حول نفسه..
أما القمر البعيد فقد سمى (ديموس)، ومن ظواهره العجيبة أنه يظل في أفق المريخ ثلاثة أيام تقريبًا لا يغرب، ويتغير في خلال هذه المدة من هلال إلى بدر كامل مرتين كاملتين. واختار العالم (أساف) هذين الاسمين (فيبوس) ومعناه الفزع، و(ديموس) ومعناه الألم من إلياذة هوميروس التي صور فيها المريخ آلة الحرب، لا يسير إلا ويتبعه الذعر والعذاب والويلات!..
ويتحين العلماء فرص اقتراب المريخ إلى الأرض ليصوبوا إليه مناظيرهم… وقد واتتهم الفرصة في ربيع عام 1954 حين كان المريخ في أقرب بعد له عن الأرض منذ خمسة عشر عامًا، إذ تناقصت مسافته من نحو 55 مليون ميل إلى 40 مليون ميل… وقد أوفدت الجمعية الجغرافية بأمريكا يومئذ فريقًا من علمائها إلى مرصد (لامونت هاوس) في (بلومفنتين) بجنوب أفريقيا لدراسة كوكب المريخ. أما سبب اختيار (بلومفنتين) بالذات لهذا الغرض، فلأنها تقع على خط طول يكاد المريخ يمر فوقه كل ليلة… هذا إلى أن بهذه البلدة (تلسكوبا) يعتبر أقوى منظار مقرب في نصف الكرة الجنوبي.
ويبذل العلماء قصارى جهدهم في هذا العام بمناسبة السنة الجغرافية ليصلوا بما أعدوه من مناظير وأجهزة وصواريخ لاكتناه طبيعة هذا الكوكب، فلعلهم ينتهون فيه إلى قول فصل..
-نُشر أولًا بموقع حياتك.
لا تعليق