لعلنا نفخر، فيما بيننا وبين أنفسنا بأننا من أظرف ما يكون!… وليت الناس يعرفون بواطننا على حقيقتها! ولكن المشكلة في هذا الزمن أن معظم الناس مشغولون… ليس لديهم متسع من الوقت للتغلغل إلى دخيلة نفسك من خلال ظاهرك، إن كان هذا الظاهر غير مستحب ومن هذا ترى أهمية أن يبدو الظاهر مستحبًا… فهل أنت واثق أن مظهرك كما يجب له أن يكون؟ هل أنت واثق أنك تقدم للعالم صورة من نفسك كما تشتهي أن تبدو؟

إن الناس يكونون فكرتهم عنك من المادة التي تقدمها لهم…

  • الملابس

الملابس مثلًا من أهم تلك الأشياء التي تتخذ دليلًا لك أو عليك فالأصدقاء والغرباء يفطنون إلى كل شيء في ملابسك. ولست أعني أن تغدو (كالمانيكان) أو نماذج الأناقة في (كتالوجات) الخياطين، ولكني أعني أن الأثر الذي نتركه يتحسن بمراعاتنا لأصول الهندام. فلا جدوى من الشذوذ في الثياب عن المألوف إلا أن كنت واثقًا كل الثقة من سلامة ذوقك الخاص.

إن متابعة التيار العام في الملابس تدل على تكيف نفسي لا بد منه كي تنسجم مع البيئة. فالرجل الزري الهندام، حري أن يبدو غير محترم… والفتاة التي تخدش الذوق العام بألوان ثيابها وأشكالها وحليها تقضي على سحر فتنتها وينظر إليها الناس نظرة شزراء.

ولكل زمان ومكان ثياب تصلح له. ويجب أن تكون ثيابك في جميع الأحوال نظيفة، جيدة الكي، ولا سيما القمصان والمناديل، أو (بلوزات) السيدات.

  • القامة والحركة

القامة والحركة لهما أثرهما سواء وأنت واقف أو سائر… راقب الناس في الشارع، ثم قارنهم بنفسك، لا بالنظر في المرآة وأنت متنبه معتدل القامة، بل وأنت متنبه معتدل القامة، بل وأنت على سجيتك في زجاج الفترينات حين تكون مارًا في الطريق! كيف ترى نفسك عندئذ؟ هل قامتك معتدلة وظهرك منتصب، ورأسك مرفوع.

إن الممثل في المسرح أو السنيما حين يريد أن يصور شيخًا أو امرأة عجوزًا متداعية، يبدأ بإحناء ظهره وتقويس كتفيه إلى الإمام، والسير بخطوات بطيئة قصيرة غير متساوية. وهذه هي الصورة التي يجب أن تحذر منها. فإن الشاب يتميز بارتفاع الرأس والكتفين، والتماع العينين بالاهتمام، واتساع الخطوة وثباتها وسرعتها…

فإن كنت تريد أن تبدو مهندمًا فاشلًا، فذلك شأنك أما إن كنت تريد مظهر الشباب، فهذا هو الطريق. راقب نفسك، وأصلح قامتك وخطوتك واقفًا وماشيًا.

  • الجلوس

والجلوس كذلك له مظهره… فالمتقدم في السن يجلس متباعد القدمين متهالكًا على المقعد، أما الشاب فيجلس معتدلًا متقارب الساقين، ولا يعبث بشيء في يده إلا إذا أراد أن يشعر من معه أنه غير مستريح… عندما تريد أن تشعر من معك بالسرور والطمأنينة، لا تكثر من الحركة، واجلس هادئًا متجاور الركبتين.

  • السحنة

وسحنتك، يجب ألا توحى بالكآبة أو الشراسة. ولست أطالبك أن ترسم على شفتيك ابتسامة ثابتة بلهاء، بل أن يكون وجهك خاليًا من القطوب التي تدل على الجهامة أو التعاسة وليكن وجهك هادئًا، على أهبة الابتسام عند أول فرصة… وهذا التأهب نفسه سيجعلك تنتهز فرصًا كثيرة كي تبتسم.

وقد نظن أن سحنتنا تخفي أسرارنا، ولكننا واهمون! فما أكثر ما تفضحنا وجوهنا وعيوننا وتفضي بأسرار لا نجسر على الهمس بها لأي إنسان… ويساعدنا على الغفلة عن حقيقتنا ما تقدمه لنا المرآة في ضوء الكهرباء من صورة راضية، في حين يرانا الناس في ضوء النهار والفرق بين الحالتين يتضح على الأخص في النساء… فأمام مرآة زينتها ترسم وجهها رسمًا بديعًا، ولكنها في الغالب تبدو على خلاف ذلك حين تخرج إلى الطريق مخدوعة برأي المرآة…

وإنك لتخدع نفسك إن ظننت أن ما تراه في وجوه من تقابلهم من عيوب الزينة لا يمكن أن يروا مثله في زينتك. فحاول أن تنتقد نفسك دائمًا كلما مررت بسطح عاكس في الطريق أو الترام…

  • الاهتمام بالناس

ويجب أن تهتم بالناس عمومًا وتحبهم. وإلا فليس من المنتظر أن تظفر باهتمامهم بك فلماذا لا يبدو ذلك على محياك وسلوكك؟

كثيرًا ما يحول الخجل أو مركب النقص أو الأنانية دون إظهارك العطف والفهم نحو سواك. فإن كنت غير مهتم في دخيلة نفسك، فيجب على الأقل أن تظهر الاهتمام، وبمرور الوقت سيبدو عليك الاهتمام الحقيقي.

واعلم أن الاهتمام بالناس يزيد من تعلقك بالحياة نفسها واهتمامك بها.

إن الأثر الذي تعطيه للناس عنك يتوقف على دعامتين كبيرتين؛ على مظهرك الخارجي وعلى اهتمامك وفهمك وعطفك على الناس. ومتى استكملت هذين لقيت عند الناس حسن القبول. ولكن إياك والتهاون في أمر نفسك ومحاباتها بل انظر إلى ما يبدر منك نظرةَ الناقد النزيه. واعلم أن سوء أثرك في الناس أنت المسئول عنه وحدك لا هم.

وفي هذه المناسبة يتناقل الناس حكاية ذلك الرجل الذي رحل من بلد إلى بلد آخر ليستوطنه، فلقى في البلد الجديد رجلًا مسنًا فسأله:

-أي بلد هذا…؟ وكيف الناس فيه…؟

فتفرس الشيخ في الغريب ثم قاله له:

-وأي بلد ذلك الذي جئت منه…؟ وكيف كان الناس فيه…؟

-ولماذا تسألني عن ذلك…؟ ما علاقته بحال هذا البلد وأهله…؟

-أيما علاقة فستجد هنا مثل ما وجدت هناك. لأنك تحمل معك إلى كل مكان الطريقة التي يعاملك الناس بمقتضاها.

وهي قصة ناطقة بمغزاها. كن طيبًا مع الناس بمظهرك ومخبرك يكونوا معك طيبين. وأظهر لهم الحب يظهروا لك الحب. وإن كنت تحب أن يظنوا بك الشراسة فاظهر لهم بمظهرها ولكن لا تلومن إلا نفسك إن وجدت منهم شراسة ونفورًا.

إن عمرك لا دخل له في الموضوع. وثروتك كذلك. المهم أن تبدو للناس سعيدًا ناجحًا وسيقبل الناس منك هذا المظهر ويمنحونك تلك الصفات. وبعد قليل من المجهود سيغدو هذا المظهر طبيعة أخرى لك. وتستزيدك ألفة الناس نجاحًا وسعادة.

ابدأ الآن. بترقب علامات مظهرك السيئة. فاطرحها واتخذ لنفسك المظهر الجديد الذي يعطي الناس الصورة التي تحبها عن شخصيتك. ولا تظلم نفسك بإخفاء مزاياك الحقيقية تحت مظهر يسيء إليك أو لا يمنحك حقك من المكانة والمودة.

 

-نُشر أولًا بموقع حياتك.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *