إننا نهتم بنساء المستقبل ورجاله فنوفر لهم ما نستطيع من علم وثقافة… ولكن: أليس من حق نساء الحاضر ورجاله أن نتيح لهم فرصة حياة أفضل؟! هذه قصة تجربة ناجحة في هذا السبيل.
إنها لم تعد مدرسة، بل كلية متكاملة الأركان تمنح خريجيها درجة (الليسانس)؛ ولكنها كلية فريدة في نوعها!.. فهي تفتح أبوابها لتستقبل أفراد العائلة جميعًا: الزوج، والزوجة، والأبناء مهما تكن أعمارهم، ابتداء من سن الحضانة حتى سن الجامعة!… تلك هي كلية (ميلز) ببلدة أوكلاند، بولاية كاليفورنيا الأمريكية…
بدأت حياتها في عام 1885 بثلاث طالبات فقط… فقد أنشئت أصلًا لتكون مدرسة للبنات، تزودهن بالثقافة النسائية اللازمة لكي تجعل منهن زوجات سعيدات، وأمهات ناجحات… وقد أنشأها زوج وزوجة هما الدكتور (كيروس تاجارت ميلز) وزوجته… ثم تطورت المدرسة لتصبح كلية للبنات تضم بين أرجائها نحو 600 طالبة، يدرسون لنيل درجة الليسانس في مختلف الفنون والعلوم.
على أن المشرفين على الكلية رأوا أن أعداد زوجات المستقبل ليس كافيًا وحده… فمن زوجات الحاضر من لم تتح لهن فرصة الثقافة اللازمة لإسعادهن وإسعاد أزواجهن وأبنائهن، ولذلك قرروا في عام 1920 افتتاح مدرسة ملحقة بالكلية لتقبل العائلات بجميع أفرادها من أزواج، وزوجات، وأبناء!…
والدراسة في مدرسة العائلات دراسة صيفية مسائية… وقد وضعت لأفراد العائلة برامج تتفق مع واجباتهم في الأسرة… فالزوجة مثلا تدرس فيها الاقتصاد المنزلي، وفن تنسيق المنزل، وحياكة الملابس، والطهو، والعلاقات الإنسانية، وعلم النفس، وتربية الطفل…وهن يتلقين هذه الدراسة نظريًا وعمليًا… فمثلًا في دروس تربية الطفل تستعين الزوجات الطالبات بأطفال الجيران في الحي الذي تقع فيه الكلية للتدريب على التربية العملية!…
وللأزواج تتاح الفرصة لكي يستكملوا علومهم وينالوا درجات جامعية لتحسين مراكزهم في الحياة… وثمة عدد كبير من فروع الفنون والآداب يختارون من بينها ما يريدون دراسته والتخصص فيه…
وللأبناء مدرسة للحضانة، ومدارس ابتدائية وثانوية تجري الدراسة فيها على طريقة (المشروع).. أي أن هذه الكلية تتيح لكل فرد من أفراد العائلة، وللعائلة بجميع أفرادها، فرص مستقبل أفضل، وحياة أسعد، وهي في الوقت نفسه لا تقتضيهم تفرغًا، ولا تلزم الأم بترك أبنائها، ولا الزوجة بإهمال زوجها… بل إن العائلة كلها يمكن أن تجمع أفرادها كل مساء وتذهب جملة إلى المدرسة!.
-نُشر أولًا بموقع حياتك.
لا تعليق